الفلسطينيون يستحقون قيادة أفضل

لا تهرم الشعارات فقط، بل تهرم القيادات، ويصبح حديثها خارج الزمن. في اليومين الماضيين خرج علينا قياديان في الشعب الفلسطيني، محمود عباس وفاروق القدومي، بتصريحات يائسة وبلا افق سياسي، وتنم عن مشروعات انهزامية.
فبدلا من ان يسعى الرئيس الفلسطيني والقدومي الى دعم البرنامج الوطني الفلسطيني من خلال انهاء الانقسام وتفعيل برامج حق العودة، والنضال من اجل الاعتراف الاممي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، يقدمون اجتهادات ما انزل الله بها من سلطان، وعفا عليها الزمن، وليس لها اساس منطقي، بعد ان قطع الفلسطينيون شوطا مهما في الدفاع عن الاستقلال، وقدموا تضحيات واسعة لحماية المشروع الفلسطيني، تأتي التصريحات الانهزامية لتذهب بالنضال الفلسطيني هباء، لصالح المستوطنات التي تقضم الارض الفلسطينية.
يبدو أن القدومي لا يعرف ان الضفة الغربية لم يبق منها سوى 56 % لصالح المستوطنات وجدار الفصل العنصري، فعن اي كونفدرالية او فدرالية يتحدث، وهو يعرف جيدا -إن كانت ذاكرته لا تزال تعمل - أن الاردنيين والفلسطينيين يرفضون كل اشكال الكنفدرالية او الفدرالية قبل ان تكون فلسطين دولة ذات سيادة، كما يبدو ان محمود عباس اطلق تصريحه من دون أن يعي أنه لا يمكن ان يتم صرفه في أي مكان، لأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وأملاكهم التي هُجِّروا منها منذ عام 1948، حق ثابت ودائم، أكدته القرارات الدولية، وعلى الأخص القرار 194، لعموم اللاجئين الفلسطينيين، شعباً وأفراداً؛ غير قابل للتنازل عنه، أو تجزئته، أو المقايضة عليه. ويعرف عباس أن ما جاء على لسانه لا يلزم اللاجئين الفلسطينيين، ولا المؤسسات الفلسطينية، واذا توهم أن تصريحه سوف يُحدث تأثيرا في مجريات الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، فإنه يكون مثل "مصيف الغور".
أكثر ما يميز الحالة الفلسطينية حاليا، ليس الصراع المحتدم بين فتح وحماس، ولا غزة التي ينام شعبها تحت الظلام، ولا فشل سنوات التفاوض الطوال، ولا الاستيطان الذي يقضم ما تبقى من الأرض..
أكثر ما يميزها حالة الهرم التي تعيشها البنادق والقيادات والشعارات. القيادات الفلسطينية، التي غزا الشيب رؤوسها، وهرمت أفكارها في السنوات الأخيرة، العلامة الفارقة أمام الفلسطينيين، هي أن أحلامهم وطموحاتهم تتراجع، وتتوسع حلقات الإحباط، لكن ما يتفق عليه كل محبي الشعب الفلسطيني أن هذا الشعب يستحق قيادة أفضل بكثير من التي تتزعمه حاليا. قيادة جديدة، تسير به إلى محطة الأمان التي يفتقدها بفعل الاحتراب الداخلي، وبفعل اليأس والاحباط الذي اصاب قلوب وعقول القيادات الهرمة، وليُترك للجيل الجديد أن يأخذ فرصته في المساهمة بانجاز المشروع الوطني الفلسطيني، من دون وصاية عقلية الانهزاميين، ولا اصحاب الصوت العالي. تصريحات عباس والقدومي مؤذية لكل انسان محترم، ولمشاعر كل انسان شريف.