حكومة سورية في "المَلْفى"

لعمان حصة من الاجتماعات الأخيرة للمعارضة السورية، وهناك كلام عن حكومة في المنفى.
ولكن تعالوا نتأمل حالات خروج قادة المعارضة من سوريا منذ بدء الأزمة. ففي الواقع يصعب الكلام عن حالات كان أصحابها يبحثون عن "منفى"، وربما تكون الصورة الأقرب هي البحث عن "مَلْفى".
و"الملفى" بعكس المنفى، هو مكان مفضل ومرغوب أكثر من المكان الأصلي، بينما المنفى، حتى لو كان اختيارياً فهو غير مرغوب. رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب –مثلاً- عندما خرج من سوريا صرح فوراً أن "الثورة" تسيطر على 70% من الأرض، فلماذا إذن فضل المغامرة بالخروج تهريباً الى الخارج ولم ينتقل الى أي بقعة "محررة" من هذه الـ 70% سيكون فيها قائداً سياسياً ميدانياً من قادة الثورة؟ وحتى المعارض الشهير صاحب التجربة المحترمة ميشيل كيلو الذي فضل البقاء في وطنه في الفترة التي كان فيها النظام في قمة سيطرته وتحمل الكثير وأصبح مرجعاً للأنصار المخلصين لسورية وللشعب السوري، فإنه الآن بعد الخروج وجد نفسه في شبكة من الممارسات التي تتناقض مع مسيرته، فالمعارضات في الخارج عموماً لها أخلاقيات عمل يصعب على المناضلين الحقيقيين الانسجام معها. لقد قرأنا لميشيل كيلو ولمعارضين غيره في الخارج مؤخراً مواقف ومقالات تشكل بالنسبة لهم تجربة جديدة في أدب المناكفات واستخدموا لغة فضائحية كانوا في غنى عنها، وهي بكل الأحوال لا تسهم في بناء الدول والأوطان. من غرائب "الثورة" السورية، أن المعارضين"الثوار" يقصدون الخارج بهدف الحصول على حصة ودور في "النصر" المنتظر في الداخل، بينما كان المعارض المقيم في الخارج ينتظر لحظة الثورة ليتمكن من العودة الى الداخل ومشاركة شعبه. حكومة في "الملفى"؟ حسناً، غير أن معضلة "الثوار" السوريين تكمن في تعدد "الملافي".
( العرب اليوم )