ترك الحبل على الغارب

أمنية أية حكومة أن لا تكون مطالبة باتخاذ قرارات صعبة تثير عليها قطاعات من الرأي العام الذي لم يستوعب خطورة الاوضاع. ومن هنا فإن الحكومات المسؤولة يجب أن تكون وتظل تحت الضغط للقيام بالواجب واتخاذ القرارات المطلوبة وخاصة إذا كانت تلك القرارات تشكل عبئاً على شعبيتها.
بدلاً من ذلك نجد بيننا من ينصح الحكومة بترك الحبل على الغارب ، وترك الموضوع برمته للبرلمان القادم لعله يجترح المعجزات ، ولكنهم لا يقولون ما هي الأسس التي يجب إعداد موازنة 2013 على ضوئها.
ترك الحبل على الغارب لا يعرض الدينار الأردني وحده للخطر بل يعرض جميع قطاعات ومؤشرات الاقتصاد الأردني للخطر ، فماذا لو قدمت الحكومة موازنة للسنة القادمة تعتمد على استمرارية الأوضاع الشاذة الحالية ، وتتضمن عجزأً يتراوح حول ثلاثة مليارات من الدنانير؟.
أما إذا قدمت الحكومة موازنة تفترض أن الإصلاح سيتم على يد الحكومة القادمة وبالتالي فإن العجز لن يزيد عن مليار واحد من الدنانير ، أو أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي ، فإن السؤال المطروح في هذه الحالة: هل من الجائز أخلاقياً أن تسمح حكومة محترمة لنفسها بأن تعترف بالعيوب وتوضح نتائجها وتحدد كيفية إصلاحها ثم تترك إصلاحها لغيرها لان الجرأة تنقصها.
ترك الحبل على الغارب والتردد في اتخاذ القرارات من شأنه رفع العجز في الموازنة العامة ، وزيادة المديونية ، وانسحاب صندوق النقد الدولي من دعم الاقتصاد الأردني مع توضيح أسباب الانسحاب مما يشكل ضربة تجعل الأردن غير قادر لا على الاقتراض ولا على جذب الاستثمارات.
ترك الحبل على الغارب يعني أن الدول المانحـة سوف تتوقف عن الدفع ، بل إنها توقفت فعلاً ، بانتظار أن ترى الإصلاح يتحقق على أرض الواقع ، فلم يصل شيء يذكر لموازنة العام الحالي ، لان من لا يساعد نفسه ويصلح حاله لا يستحق المساعدة من الآخرين.
ترك الحبل على الغارب يعني ان تدفق الاستثمارات العربية والاجنبية للأردن سوف يتوقف بل ستحدث حركة هجرة مالية معاكسة.
ترك الحبل على الغارب ليس خياراً لهذه الحكومة. والتحريض والشحن ضد إصلاح الدعم الشامل ليس خياراً وطنياً لمعلق صحفي أو حزب معارض يعرف الحقائق ولكنه ينحاز لشعبيته على حساب شعبه.