أين لجنة الخبراء ؟

ليس لدى الحكومة سوى حل واحد للازمة المالية، هو رفع الدعم عن المشتقات النفطية مقابل ما يسمى بتقديم الدعم المالي لمستحقيه: "مرة واحدة في العام". لكن هل يضمن رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور عدم انفجار الازمة المالية مرة اخرى لو قدر للحكومة ان تتمكن من تطبيق اجراءات رفع الدعم.؟
الحالة الشعبية العامة لا تضمن سياسات الحكومة وقراراتها اكثر من 24 ساعة، وهي مثقلة منذ أعلنت الاصلاحات العامة، دون ان تطال الوضع الاقتصادي والمعيشي، بل أمعن التحالف الطبقي في كل من الحكومة والبرلمان السابق في تكريس الاخطار المحدقة بالبلاد.
فطويت ملفات الفساد.
ولم يتم تقديم مشروع حول تعديل قانون الضريبة.
ولم يتم تصحيح اتفاقيات الخصخصة التي أفقرت خزينة الدولة.
والبطالة والفقر في ازدياد، ثم تأتي قرارات رفع الدعم في مثل هذه الظروف القاسية.
النسور لم يقرأ كتاب التكليف الملكي جيدا، او للدقة، اختار ما يريد منه، وغض النظر عن القضية الاساسية لمعالجة اختلال السياسات الاقتصادية في البلاد، و"ضرورة إجراء تقييم موضوعي للسياسات الاقتصادية التي اتّبعها الأردن خلال العقدين الماضيين. والدعوة إلى تشكيل لجنة من الخبراء المحليين والدوليين في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية من ذوي الخبرة والنزاهة والحياد، وتكليفهم بمراجعة سياسات وعمليات الخصخصة التي قامت بها الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ الأزمة الاقتصادية عام 1989، للوقوف على أثرها الاقتصادي والاجتماعي على أساس الحقائق وليس الانطباعات أو الإشاعات، لمعرفة نقاط الضعف والنجاح وإطلاع المواطنين على نتائجها بكل شفافية، والاستفادة من الدروس المستقاة، وتضمينها في عملية رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية".
نحن نحتاج فعلا الى لجنة الخبراء المحليين والدوليين من ذوي الخبرة والنزاهة والحياد، حتى نضع النقاط على الحروف، لأن ازمة البلاد الاقتصادية لن تحل بإعادة النظر في الدعم وتوفير نحو 300 مليون دينار، كما تزعم الحكومة.
معالجة الازمة الاقتصادية لا يمكن ان تمضي في الطريق السليم، اذا لم يتم تصويب اوضاع قضيتين اقتصاديتين رئيسيتين هما:
الاولى: كشف حقائق الفاتورة النفطية كاملة، وبشفافية مقنعة للجميع، ومن دون تضليل او مواربات، فهذا الملف اعترت جوانبه الكثير من المعلومات، حتى وصلت الى ان الخزينة تكسب من وراءها اكثر من ملياري دينار، والى ان مستفيدين متنفذين من العيار الثقيل هم تجارها.
والثانية: قضية الكهرباء، وكيفية مص دم الشعب الاردني وخزينة الدولة، لصالح متنفذين ايضا، كسبوا مئات الملايين من وراءها، وهي قضية مفتوحة على القضية الاولى.
من دون تصويب فاتورتي النفط والكهرباء، ستبقى خزينة الدولة منهوبة، ولن تنفع معها المسكنات ولا حتى المضادات الحيوية على حساب قوت الشعب.
لا نريد للأردن الا ان يكون آمنا ومستقرا، وحتى يتحقق ذلك، فلا بد من اعادة النظر صوب السياسات الاقتصادية ومراجعتها وتصحيحها، وتحديدا تلك المتصلة بحياة وكرامة المواطنين. ( العرب اليوم )