الكويت والأردن

تم نشره الأحد 11 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:20 صباحاً
الكويت والأردن
د. رحيّل غرايبة

هناك قدر من التشابه بين التجربتين الكويتية والأردنية في إدارة الدولة، من حيث التميّز في إنشاء برلمانات شعبية في وقتٍ مبكرٍ قياساً إلى كثير من الدول العربية المحكومة بطريقة العائلات الحاكمة، والأنظمة الملكية من جهة، أو المحكومة بنظام الحزب الواحد المتفرد بالسلطة من جهةٍ أخرى.
وكان كل من الكويت والأردن يحويان قدراً من الحريات السياسية والإعلاميّة والثقافية، الذي يعد نقلة لا بأس بها إلى ما قبل ثورات الربيع العربي، وكان من المفروض أن يكونا في مقدمة الدول العربية على مسار إنضاج التجربة الديمقراطية.
الحراك الشعبي في كلتا الدولتين، كان ناضجاً وسلميّاً، واتبع الحكمة السياسية في تبنّي منهج التدرج في انتقال السلطة الكاملة للشعب من أجل تحقيق مبدأ "الشعب مصدر السلطات"، دون عنف ودون انزلاق إلى دوّامة الفتنة وجرّ البلاد إلى بركة من الدماء والأشلاء، فكان هناك حرص واضح على التمسك بشعار "إصلاح النظام" وليس إسقاطه، كما حدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا، في رسالة شعبية واضحة كانت تستحق الالتقاط والرعاية والاهتمام من أصحاب الشأن.
هذه التجربة الشعبية في التحرك، القائمة على السلميّة والتدرج والمشاركة بين جميع أطراف العملية السياسية، دون استبعاد أو إقصاء أو استحواذ، لم تؤت أكلها حتى هذه اللحظة في كلٍ من الكويت والأردن، بل إنّ معالم الأزمة وضبابية الأفق السياسي ما زالت هي التي تسيطر على المشهد السياسي في كلٍ منهما، بل إنّ الأوضاع السياسية في الكويت تزيد سخونةً وحدّةً على إثر استنساخ تجربة قانون الصوت الواحد المجزوء ـ الأردني المنشأ ـ التي كانت وصفةً للتأزيم والانفجار والتوتير وتعكير المشهد السياسي. لم تكن نصيحة جيدة بكل المقاييس؛ لأنّ هذا القانون هو الذي أفسد الحياة السياسية في الأردن، وهو يمثل حجر الزاوية في المأزق السياسي الأردني، ونقل التجربة الفاشلة إلى الكويت كان فعلاً متسرعاً يخلو من الحكمة وبعد النظر، خاصة في ظل أجواء الربيع العربي الذي أعطى أملاً فسيحاً للشعوب العربية في الانتقال من مرحلة الاستبداد والفساد إلى مرحلة الديمقراطية والحرية.
وممّا زاد الطين بلّة، تسرب بعض الإشاعات الإعلامية أنّ هناك قوات أمن أردنية تمّ إرسالها إلى الكويت للإسهام في مواجهة الشارع الكويتي المحتقن، سواءً كانت هذه القوات تحت لافتة رسمية أو شركات أمنية، ممّا أسهم في إثارة حنق الشارع الكويتي على الأردن دولةً وشعباً ومؤسسات، وصدور بعض التصريحات المتشنجة التي تسيء إلى العلاقة بين الشعبين الشقيقين، والتي يجب أن تكون بمنأى عن أفعال السلطة السياسية.
وفي هذا الصدد يجب التوضيح أنّ الشعب الأردني يؤيد الشعب الكويتي في تحركه لتحسين وتطوير العملية السياسية في الكويت نحو مزيد من الديمقراطية والحرية، وما ينبغي توضيحه كذلك أنّ الشعب الأردني رفض ويرفض قانون الصوت الواحد هنا في الأردن ويعتبره وصفة تأزيمية وعقبة كبيرة أمام التقدم نحو ديمقراطية حقيقية، وما حدث ويحدث في الكويت دليل واضح على سوء هذا القانون الظالم، وما يحتويه من ظلم وإجحاف بالقوى السياسية، وما يؤدي إليه من نتائج كارثية على مجمل العملية الديمقراطية.
كما أنّ الشعب الأردني يرفض بكل العبارات القاطعة أي إسهام من قوات أمن في عمليات المواجهة للمتظاهرين في الكويت أو في أي بلد عربي؛ لأنّ من شأن هذا الفعل أن يؤدي إلى خلق قطيعة بين الشعب الأردني والشعب الكويتي أو الشعوب العربية الأخرى، ونرفض مشاركة أي أردني في هذا الشأن الداخلي، سواءً كان بشكلٍ رسميٍ أو غير رسمي.
الأردنيون مستعدون للمشاركة في الدفاع عن أية دولة عربية أو إسلامية ضد الغزو الأجنبي، وضد الجيوش المحتلة، وهم مستعدون لتقديم دمائهم وأرواحهم في هذه المعركة المشرّفة، بالقدر نفسه الذي يرفضون فيه المشاركة في معركة قمع تحرك الشعوب العربية المشروع في إطار المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية.
الشعوب العربية كلها في خندق واحد في مواجهة الاستبداد والفساد والظلم، كما أنّها في خندق واحد في مواجهة الاحتلال الأجنبي، وينبغي عدم السماح لأيّة جهة في تقطيع أواصر الوحدة بينها، أو تفكيك عرى التعاون الايجابي المفضي إلى صناعة الغد المشرق على الأرض العربية كلّها. ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات