نحو كفالة حكومية لسعر صرف الدينار

هناك مبالغة كبيرة فيما يقال عن تحويل بعض المودعين دنانيرهم إلى دولارات خوفاً من انخفاض سعر صرف الدينار. صحيح أن هناك تحويلات من هذا القبيل، ولكنها محدودة جداً كما تدل أرقام البنك المركزي.
خلال 12 شهراً لغاية آب الماضي ارتفع حجم الودائع بالعملات الأجنبية بمقدار 1075 مليون دينار، وهي لا تزيد على 4.3% من حجم الودائع الكلية. وحتى لو افترضنا أن كل هذه الزيادة في ودائع الدولار ناشئة عن تلك التحويلات، فإنها لا تغير الصورة، لأن الودائع بالدينار لم تنقص بسبب التحويلات بل ارتفعت في الوقت ذاته بمقدار 394 مليون دينار.
حتى هذه النسبة البسيطة وغير المؤثرة لا تعني الكثير من وجهة نظر الاقتصاد الوطني، لان الدولارات بقيت في الجهاز المصرفي الأردني، وظلت جزءاً من احتياطي المملكة من العملات الأجنبية.
كل ما هنالك أن الذين حوّلوا دنانيرهم إلى دولارات يخسرون حوالي 6% سنوياً فائدة على الدينار، حيث ان الفائدة على الدولار تشكل كسراً صغيراً، الأمر الذي يفسر إعادة كثيرين تحويل دولاراتهم إلى دنانير لتقليص الخسارة، عندما اتضح أن الدينار قوي، ولديه دعم كافٍ لا يقل عن سبعة مليارات من الدولارات.
يضاف إلى ذلك أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية استقر عند مستوى سبعة مليارات من الدولارات خلال الشهور الأربعة الأخيرة، مما يدل على أنه سيعود إلى الارتفاع مع نهاية هذه السنة.
مع أن ما يقال عن التحويلات مبالغ فيه، ولا ينتج سوى الخسارة لمن يحول دنانيره إلى دولارات، فإن من المناسب أن تقوم الحكومة بخطوة معنوية تعزز الثقة المهزوزة بأن تعلن أنها تكفل ثبات سعر صرف الدينار تجاه الدولار حتى نهاية العام القادم.
قبل أربع سنوات عندما انفجرت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، اقترحنا في هذه الزاوية أن تكفل الحكومة الودائع لمدة سنة بحيث لا يكون هناك أي مبرر للتحويل أو الهروب، وقد استجابت حكومة نادر الذهبي ونجحت الفكرة، ولم يكلف هذا التعهد الحكومة فلساً واحداً.
كفالة الحكومة لسعر صرف الدينار تجاه الدولار سيكون من شأنها تعزيز الثقة، وإقرار أمر واقع، وعودة سريعة للدينار، وارتفاع في احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ولن تكلف الحكومة فلساً واحداً.
( الراي )