الحكومة تدير الأزمة أم تحلها؟

تم نشره الثلاثاء 13 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:53 صباحاً
الحكومة تدير الأزمة أم تحلها؟
د.باسم الطويسي

هل الإجراءات الاقتصادية التي ستقدم عليها الحكومة الحالية تعد بالفعل مدخلا آمنا لبداية حل الأزمة الاقتصادية المزمنة التي عانى منها الاقتصاد الوطني، على مدى عقود طويلة من التشوه والاختلالات والعجز؟ إذا كانت ثمة إرادة وقدرة على إحداث هذا الاختراق، فمن المعيب أن لا يقف الجميع خلف هذه الحكومة حتى تعبر بالبلاد هذه اللحظة الحرجة، ولو كان ذلك على حساب جيوب المواطنين؛ فالدول الحقيقية والقوية تشيّد من جيوب مواطنيها. ولكن، ما هي الضمانات على ذلك؟ وما الدليل السياسي والاجتماعي على أن النخبة الحكومية الحالية لا تعد أياما هي الأخرى، وتمارس دورها في إدارة الأزمة وليس حلها، كما فعلت ثلاثة أجيال من الحكومات السابقة؟
قامت الخبرة الاقتصادية الأردنية، خلال العقود الماضية، على مواجهة الأزمات الاقتصادية بالحلول السياسية، من خلال قدرات استثنائية في جلب المساعدات الخارجية العربية والغربية. وما يجري اليوم يبدو في بعض ملامحه انعطافا تاريخيا بالبحث عن حلول اجتماعية للأزمات الاقتصادية.


وكما هو معروف، فالحلول الاجتماعية قصيرة المدى، ولا يمكن أن تلقى على عاتقها أعباء تفوق طاقة المجتمع على التحمل. فما يزال الفكر الاقتصادي المحلي عاجزا عن إيجاد حلول اقتصادية للأزمات الاقتصادية. إذ بعد أن أفرغت الحلول السياسية وتآكل دورها بفعل محددات خارجية، لا يمكن الاتكاء على الحلول الاجتماعية؛ فهناك حدود لصبر الناس وطاقاتهم على التحمل، ما يذهب بنا إلى أن الخطوة الجوهرية في اكتشاف صدق نوايا الإصلاح تكشفها الموازنات المالية للدولة، الأمر الذي يطرح السؤال الجوهري: هل تمثل موازنة العام المقبل، التي ستطرح قريبا، موازنة إصلاحية يوثق بها، أم أنها ستتبع منهج الترقيع والإدارة اليومية نفسه؟


توجد محطات صعبة ومعقدة عبرتها البلاد بأمان، وكان الرهان الوحيد على القدرة على تقدير الموقف والاستجابة لمتطلباته. ويبدو الاختلال الواضح اليوم ليس فقط في تكوين النخب، بل فيما يتبع ذلك من فجوة بين إدراك مصادر الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبين القدرة على تطوير الحلول والبدائل، فيما عمل التراكم السلبي على ضرب العلاقة بين المجتمع والدولة في العمق، وبدأ السؤال والعنوان يدور حول استعادة الثقة. ولكن سوء تقدير الموقف يعمل عمله للمرة الألف، ويدفع نحو الأدوات التقليدية ذاتها، والحسابات العتيقة والعقيمة التي غادرها الشارع، بل وتعد أحد مصادر التأزيم التي ستجعل المجتمع والدولة يدفعان ثمن استمرارها.


الحقيقة الأردنية التي تثبتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، تقول إن إصلاح المشاركة السياسية وربطها بالتنمية هي مصلحة أردنية صرفة، وقضية مصيرية لحفظ معادلة الاستقرار التي راهن الأردن عليها على مدى عقود طويلة. وسوء تقدير الموقف حول هذه المسألة بسطها بطريقة ساذجة، وحولها إلى مجرد استرضاء مناطقي أو بحث عن نخب تقليدية باعتبارها وكيلة عن تلك المجتمعات وقادرة على نزع فتيل الأزمة.
إن مصادر تهديد الاستقرار على المدى المتوسط داخلية بالدرجة الأولى، وترتبط بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عملت على مدى هذه السنوات على تهميش أكثر من ثلثي البلاد، وجعلت المجتمعات المحلية تعيش حالة من الحرمان والغربة عن الدولة بعد الاختلالات التي أحدثتها عملية إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع والسوق. ولأن هذه النتيجة جاءت بفعل قرارات سياسية وذهنية سياسية أدارت البلاد على مدى عقدين، فإن من السذاجة قراءة المشهد بأدوات اقتصادية فقط، تختصر المسألة بحفنة فقراء تعرف الدوائر الرسمية من يقدر على تهدئتهم.

( الغد )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات