صدمة المواطن بعد رفع الدعم

تم نشره الخميس 15 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 02:16 صباحاً
صدمة المواطن بعد رفع الدعم
ياسر الزعاترة

رغم عملية التحضير النفسي المبرمج التي مارستها الحكومة طوال أسابيع، وسبقتها إليها الحكومة السابقة التي جمّد قرارها برفع الدعم بعد صدوره، رغم ذلك كله، إلا أن قرار رفع الدعم بالنسب والتفاصيل التي أعلن عنها كان صادما إلى حد كبير، إذ شعر كل مواطن، لا سيما ذوي الدخل المحدود وهم الغالبية أن خمس راتبه قد طار بقرار واحد لا أكثر.

هل يمكن تخيل ذلك ببساطة. أن يأتي مدير أو صاحب مصنع فيقوم بتخفيض رواتب موظفيه بنسبة الربع أو الخمس؛ هكذا بجرة قلم، وكيف ستكون تداعيات ذلك عليهم؟! سيقال إن الفقراء سيعوَّضون. وتلك كما يعرف الجميع قصة غير مقنعة، لأنه دعم مؤقت لتسهيل مرور القرار ثم يتوقف بعد شهر أو شهرين.

الذين نزلوا إلى الشوارع بعد أقل من ساعة على قرار الرفع لم يفعلوا ذلك لأن “الإخوان” طالبوهم بالخروج، بل فعلوا من منطلقات شخصية واجتماعية ملحة، فهم يشعرون أنهم يدافعون عن خبزهم وخبز أطفالهم ضد من أكل جزءا لا بأس به منه بسيف قرار لا أكثر.

نعلم تماما مبررات الحكومة، والناس تعلمها أيضا، فهي لم تأل جهدا في التفسير والتوضيح، لكن أسئلة الناس ظلت كثيرة كثيرة، ومن الصعب تكرار أكثرها هنا. أسئلة كثيرة يطرحها الناس بشأن الموازنة وطرق الإنفاق لا تجد جوابا مقنعا، وهم جميعا مقتنعون أن الإدارة الرشيدة للإنفاق يمكن أن تحول دون العدوان على جيوبهم ودخولهم الضعيفة.

دعك حتى من أدوات الإنفاق. إن اتخاذ سياسات تحابي الفقراء على حساب الأغنياء ستكون وحدها كافية لحل المعضلة، ولا يكون ذلك عبر دفع دعم ما لفئة من المواطنين لمرة أو مرتين ثم نسخ القرار بعد ذلك حين يقتنع المعنيون بأن الناس قد بلعوا الطعم وانتهى الأمر.

ثمة في البلاد فئة واضحة الثراء. فئة استفادت من أجواء الانفتاح، وعليها أن تدفع ما عليها من ضرائب ومستحقات تعين الوضع على التماسك، مع أن هذه الفئة أيضا في حاجة إلى القناعة بأن ما تدفعه ينعكس خدمات على الوطن والمواطنين ولا يذهب ضحية الفساد لكي تدفع بأريحية أكبر.

ربنا يقول “كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم”، لكنهم هنا يتبنون برامج اقتصادية تزيد الفقراء فقرا والأغنياء غنى، الأمر الذي لا يمكن أن يكون مشروعا ولا مقبولا بحال من الأحوال.

يبقى القول إن أسئلة الاقتصاد بدورها معلقة بأسئلة السياسة، فحين تكون هناك حكومات منتخبة وشفافة يعرف الناس مدخلاتها ومخرجاتها، فسيكون بوسعهم أن يشدوا الأحزمة على البطون طائعين، أما حين يرون ما يجري على صعيد الإنفاق العام، وعلى صعيد محاباة الأغنياء على حساب الفقراء، فلن يقبلوا ذلك بحال من الأحوال.

إنها الحقيقة التي يجري تجاهلها عبر بروباغندا لا تغير في الواقع شيئا، وسيبقى الناس ينتظرون الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يأتي بحكومات تعبر عنهم، عبر برلمان يعكس هموم الناس الوطن والمواطن، ومن دون ذلك لن تهدأ الأحوال حتى لو تمت تهدئتها مرحليا بهذه الطريقة أو تلك. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات