على حافة الهاوية
حافة الهاوية اصطلاح جديد توصف به الأوضاع الاقتصادية والمالية في بلدان متعددة، وهو شائع بشكل خاص في أوروبا حيث يمكن أن ينهار الاتحاد الأوروبي ويسقط اليورو إذا لم يتم تدارك أزمة المديونية. كما أنه شائع في الولايات المتحدة التي بلغت مديونية خزانتها السقف القانوني، وتحتاج الآن لقرار من الكونجرس الجمهوري برفع السقف، وإلا فإن أميركا ستتوقف عن تسديد التزاماتها ويسقط الدولار.
أوروبا وأميركا - كل بطريقته- وصلا إلى حافة الهاوية والسقوط المدوي، وفي الحالتين نجد أن رأس المشكلة هو تجاوز المديونية للحدود الآمنة، وخطر التوقف عن الدفع، وبالتالي حدوث انهيار شامل، إذا حدث في أوروبا وأميركا فإن العالم لن يسلم منه.
رئيس الحكومة الأردنية في لقاءاته مع مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية والسياسية والإعلامية كان يقول أن الأردن هو أيضاً في مواجهة الهاوية ولنفس الأسباب، فالمديوينة تجاوزت حدود الأمان واستمرار الوضع الحالي يعني إضافة ثلاثة مليارات من الدنانير سنوياً إلى المديونية. هذا إذا وجدنا دائنين.
بعبارة أخرى فإن الاتجاه الحالي كان يسير بتسارع نحو الهاويـة المالية، ومن واجب أية حكومة مسؤولة أن لا تسمح بذلك، وأن تتحرك الآن لرفع الدعم الشامل واستبداله بتعويض نقدي مؤقت تطيقه الموازنة، بحيث لا يضار الفقراء ومحدودو الدخل، بل يتم توفير الدعم الذي يذهب إلى الأغنياء وإلى أكثر من مليون غير أردني، وإلى المؤسسات والمنشآت التجارية المختلفة.
بالرغم من وضوح المشكلة ووضوح الحل فإن هناك من لا يزالون يكابرون بالمحسوس، ويرفعون أصواتهم ضد إصلاح الدعم الفاسد الحالي واستبداله بدعم نظيف للمستحقين، أو الذين يطالبون الحكومة بالتأجيل ويلتمسون لها الأعذار كحكومة انتقالية، مع أن كل يوم يمر نقترب فيه من الحافة التي لا يريد هؤلاء أن يروا ما وراءها، ويظنون أن العالم سيهب لنجدتنا كما هبت أوروبا لإنقاذ اليونان.
الذين يحاولون إعاقة تحرك الحكومة لتصحيح المسار مسؤولون عن استمرار العجز والمديونية وإيصال البلد إلى حافة الهاوية، ويمكن تصنيفهم كانتهازيين هدفهم الشعبية الرخيصة ولو كانت تقود البلد إلى الهاوية.
إذا لم يتم التصحيح المطلوب الآن، فالمسؤولية عن المديونية والسقوط تقع بعد الآن على كاهل معارضي التصحيح، وفي المقدمة: الإخوان المسلمون، جبهة الإصلاح الوطني، قادة النقابات المهنية، بعض الكتـّاب وجوقة الهتافين في الشارع. ( الرأي )