تجربة

خلال الأشهر الماضية خضت تجربة رائعة بكل معطياتها وإن شابها بعض الهنات التي فرضتها طبيعة العمل مع أناس لا تعرفهم ولا تعرف كيف يفكرون وما هي الحدود أو الصلاحيات التي تؤطر عملهم ، لكنها بالمجمل كانت تجربة نوعية أضافت لي الكثير على صعيد معرفة دواخل الوسط الفني الأردني والعربي وطبيعة وطريقة تفكير كل واحد منهم ، ومقدار فهمه لدوره كفنان يؤثر في مجتمعه سلباً أو إيجاباً .
تبين لي غث الفنانين وسمينهم ، ومدى ما يتمتع به ذلك الفنان من ثقافة أو وعي أومظهر خارجي براق وقشرة هشه لا تنم إلا عن تدني معرفته بالدور الذي يقع على كاهله أو بالصفة التي ينتحلها في محيطه ومجتمعه باعتباره أداة تنوير لجمهوره في كافة قضاياه المعيشية والاقتصادية والفكرية الراهنة والمستقبلية .
لجائزة تايكي الآن جميل كبير يطوق رقبتي من حيث كم الخبرة التي إكتسبتها منها وفيها لعدد من القضايا التي كنت بالفعل أجهلها على الصعيدين الانساني والفكري للفنانين خاصة من يطلق عليهم بالنجوم أو المستنجمين الذين لا يقلون عنجهية وتعاليا عن النجوم من دون إنجاز إبداعي لافت لكنها الحالة المتردية للفن عموماً التي أنتجت فناناً يشترط مثلاً أن يعرف نتيجة الجائزة قبل الموافقة على الحضور لحفل توزيع جوائزها ولا يرضى التصفيق إلا له فقط .
أقول هذا الكلام وفي القلب غصة تؤلمني ، بينما على الطرف الآخر تجد نماذج أخرى أغلبها لفنانين مخضرمين أثبتوا أنهم بالفعل يحملون على كواهلهم رسالة سامية طوال مسيرتهم يتصفون بالتواضع والسمو في التعامل والترفع عن البهارج الكاذبة والصغائر ، لكنهم ومع كل الأسف قلة .
لا أريد من هذا المقال أن أبدو في وضع المتشكي لكنها حالة أردت أن أبينها عساها تكون جرس إنذار ينبهنا للهاوية التي يمكن أن نقع فيها إن تفاقمت أكثر لكنها تفصيلة من التفاصيل التي يرتع فيها الشيطان ويعبث ويخرب ، بينما نحن أحوج ما نكون لثقافة فنية رصينة تتعالى عن الصغائر والقشور وتعنى بعظائم الأمور التي تعاني منها أمتنا التي ندعي ليل نهار أننا نمثل وجدانها وضميرها .
شكراً لجائزة تايكي وشكراً للقائمين عليها فقد كانت أيامي معها زاخرة بالمعرفة والفائدة على أكثر من صعيد . ( العرب اليوم )