«حملانٌ» في فلسطين و»أسودٌ» في سوريا وليبيا

تم نشره الإثنين 19 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:10 صباحاً
«حملانٌ» في فلسطين و»أسودٌ» في سوريا وليبيا
عريب الرنتاوي

 

نظرية «العرب الحملان»، هي الامتداد الطبيعي والمنطقي، لنظرية «التوسل والتسول»، كلتاهما صدرتا عن المصدر نفسه: رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري...ودائماً في سياق توصيف الموقف العربي من القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي...ودائماً أيضاً في سياق الترويج للتسويات والصفقات التي تنتقص الحقوق و»تُسفّه» المقاومة والعمل العربي المشترك، من دون أن تندرج يوماً في سياق النهوض والاستنهاض.


العرب «حملانٌ» في فلسطين، هكذا يقول المسؤول القطري، المنزعج بلا شك من اندلاع المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين خشية أن «تغطي» على حربه المعلنة على سوريا، وحربه المُستترة ضد إيران...لكنهم (العرب الحملان) أسود في ليبيا وسوريا..في فلسطين لا سبيل سوى لدراهم معدودات لدعم صمود الفلسطينيين، أما في ليبيا، فإن بمقدور سلاح الجو العربي، الخليجي بخاصة، أن يزأر هناك، وسط أسراب المقاتلات والقاذفات الأطلسية. وينهمر المال والسلاح بغزارة، ومن كل المنافذ الحدودية، البرية منها والبحرية، بل ويُرسل بآلاف الجنود للقتال ضد الديكتاتور، وتحت رايات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان (تصوروا يرعاكم الله).


حملانٌ في فلسطين، وأسود في ليبيا وسوريا، هذه هي الرسالة التي يراد إيصالها للفلسطينيين...لا تعولوا على صواريخ «التنك»، قالها رئيس تحرير الشرق الأوسط، معبراً عن الموقف كما يرتسم في الرياض، وهنا نتساءل عمّا فعلته صفقات القرن والعقد، اليمامة والغراب، وهل كانت فعّالة حتى في مواجهة الحوثيين الحفاة والجوعى في بلاد اليمن السعيد؟.


لا تلتفتوا لتهديد الإخوان المسلمين ووعيدهم، ولا لمناورات محمد مرسي، فهو في «الجيب»، وثمة حدود متواضعة لما يمكن أن يفعله أو يصل إليه...أيها الفلسطينيون، يجب ألا ترفعوا سقف توقعاتكم...ليس لدينا لكم سوى قليل المال، لتضميد الجراح وشراء الأطراف الصناعية، وفي أحسن الحالات، لتمويل «البنية التحتية» للهدنة طويلة الأمد، التي بشّر بها شارون لأول مرة، وأعاد صياغتها نتنياهو في مشروعه للدولة ذات الحدود المؤقتة.


ليس مسموحاً لحماس والمقاومة والشعب الفلسطيني أن ينتشوا بمواجهتهم الباسلة للعدوان الإسرائيلي...ليس مسموحاً لهم أن يتفاءلوا بالتغيير في مصر، وليس مسموحاً لمصر، أن تغادر مربع الضياع والاستتباع، نهوض مصر خطر على هذا المحور الذي لم ينتعش دوره إلا على أنقاض دورها وريادتها، ليس مسموحاً للقاهرة أن تنفض عن نفسها غبار سنوات الركود والاستنقاع الطويلة، ليس مسموحاً لها أن تقترب من الخطوط الحمراء، فمثل هذا الأمر يستدعي الاستنفار..ولقد استنفروا وهرعوا إلى القاهرة، لضمان الانصياع لـ»صوت العقل» و»الحكمة» والتعقل»، التي رسمت سقفاً لمقررات الوزراء العرب في القاهرة، لم تفلح العبارات الرنانة والإنشاء الثوري الجميل، في التغطية على قصور قراراتهم وبؤس نتائجها.


حملانٌ في فلسطين، وأسود في سوريا وليبيا...هنا مطلوب تعميق الانقسام وإنشاء بنية تحتية لإدامته...وهناك يبذل الغالي والنفيس لتوحيد المعارضة، ويستخدم الجزر والعصي بكثافة بالغة للوصول إلى الغاية والمبتغى...هنا تنهمر النصائح والضغوط على عباس للعدول عن الذهاب للأمم المتحدة بحثاً عن الاعتراف، وهناك يجوبون العالم، بكل أدوات الضغط والإغراء التي يملكون، بحثاً عن تأمين الاعتراف بالوليد السوري الجديد في الدوحة.


لن نذهب أبعد من ذلك في التكهن والتخمين، بيد أننا نشتم رائحة كريهة تفوح من بين جنبات «المرابطين» في القاهرة، وهذا التحرك الكثيف صوب التهدئة والهدنة، بأي ثمن، حتى لا أقول بالشروط الإسرائيلية...هنا تزرع بذور «الترتيبات النهائية» لوأد القضية الفلسطينية تحت عنوان التوسل والتسول، فالحملان لا تحرر وطناً ولا تسترد حقوقا، ليس للحملان من مستقبل سوى أن تصبح خرافاً ونعاجا، ليس لها من مكان في أعراف هؤلاء وتقاليدهم الحديثة..فالحذر الحذر.

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات