لوين رايحين ؟!
لا يرغب رئيس الوزراء عبد الله النسور في البحث عن حلول للأزمة التي تعيشها البلاد، وبإصرار يفتح الأبواب لعقلية المؤامرة لتنفيذ سيناريوهاتها من خلاله، يحتل المشهد السياسي والإعلامي وبحصرية غير مفهومة أبدا، خرج ولا يزال يخرج في حوارات مكررة على كل فضائية يتصل بها لاستضافته، حتى أصبح مجال تندُّر في صفحات التواصل الاجتماعي، على غرار، النسور ضيفا على محطات فتافيت (المختصة بالطبخ) وطيور الجنة (المختصة بالأطفال) و إقرأ (المختصة بالقرآن الكريم)....
لا يريد النسور أن يستمع لأحد، خبيرا اقتصاديا كان، أم استراتيجيا، كما أنه لا يستمع للسياسيين، وبالأصل لا يستمع للصحافيين بل يقسّمهم، من معه، ومن ضده، لهذا لن نجد حلولا منطقية واقعية للأزمة التي أدخلت البلاد في الحيط، حتى أنه لا يريد أن يعيد تركيب ما يمكن تركيبه على إثر الاصطدام، ويصرّ على المبررات نفسها وراء اتخاذ القرار، وبالمبالغة المعروفة عن السياسيين في بلادنا.
لنقرأ معاً المطبخ الاقتصادي للحكومة، فالنسور حاصل على بكالوريوس إحصاء من الجامعة الأمريكية في بيروت، وماجستير في إدارة المؤسسات من جامعة ميتشيغان في الولايات المتحدة، ودكتوراه في التخطيط من جامعة السوربون، ولهذا فهو ليس اقتصاديا، وإنما متخصص في الأرقام والحساب والتخطيط.
أما فريقه الاقتصادي، فوزير المالية سليمان الحافظ حاصل على بكالوريوس من كلية التجارة من جامعة الإسكندرية، ووزير التخطيط جعفر حسان حاصل على بكالوريوس في العلاقات الدولية وماجستير في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي، ودكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي، ووزير الصناعة حاتم الحلواني حاصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية ودكتوراه في الإدارة الصناعية وإدارة الطاقة.
المطبخ الاقتصادي للحكومة الحالية، سياسي ولا يحمل احدهم تصنيف خبير اقتصادي، كما أن الوزير الذي طبخ الاتفاقية الجديدة مع صندوق النقد والبنك الدوليين يعمل تحت شعار "تفاءلوا بالخير تجدوه".
عبقري من نصح النسور امس بعدم الخروج على فضائية محلية، وأتمنى أن يعطي نفسه والآخرين في حكومته فرصة التفكير من جديد، في ما أصاب البلاد خلال أسبوع، وكيف غيّر قرار رفع الأسعار كل مناحي الحياة، وكيف أصبحت لغة الحراك وشعارات المسيرات في الأيام الماضية، ونحتاج فعلا إلى العقلاء لإعادة بوصلة الحياة السياسية من جديد باتجاهات متفق عليها منذ عامين.
حتى لو انخفض منسوب الاحتجاجات في البلاد إلى مستويات تمنح الحكومة وأجهزتها التفاخر بأن المحتجين لا يتجاوزون المئات، فإن هذا لا يمنح الطمأنينة على الأيام المقبلة، ولا إلى أي مدى قد يصل الغضب الشعبي.
قرار رفع الأسعار عطّل الحياة العامة، وضرب العملية الانتخابية في مقتل، وتصريحات النسور عن الأوضاع الاقتصادية ضربت الاستثمار القائم والقادم، كما زادت تصريحاته السياسية حول دول الخليج حالة الجفاء ومنحت القوى المعارضة في تلك الدول أن تقوى شوكة انتقاداتهم لنا.
لا أدري إلى أين نحن ذاهبون، فتعكير علاقتنا بدول الخليج، يضاف إليها، علاقة سيئة مع إيران، وغير واضحة مع سورية، وباردة مع العراق، وقلقة مع مصر وتفريعات التنظيم العالمي للإخوان، وغير حميمية مع الولايات المتحدة...يدفع المرء إلى طرح سؤال الزاوية،... لوين رايحين ؟
( العرب اليوم )
