حوار مع ممثلي الإخوان في نقابة المعلمين

قبل سنتين ونصف تقريباً، ومع أول اضراب خاضه المعلمون أثناء نضالهم لتشريع نقابتهم، وقفت أحزاب المعارضة وعلى رأسها الإخوان المسلمون، ضد أسلوب الاضراب وأصدروا بياناً بعد اجتماع عقدوه في مجمع النقابات طالبوا فيه بأن يكون الاحتجاج خارج ساعات الدوام الرسمي. بل إن أوساط الأحزاب على العموم ظلت طيلة الشهور الأولى من عمر التحرك تشكك به ككل، وقد أرهقت نفسها بالبحث عمن "يقف وراءه".
بالنسبة لي، أنا مع سلاح الاضراب أثناء ساعات الدوام الرسمي بالذات، وقد هاجمت موقف الأحزاب ذاك. وليس الهدف الآن من التذكير بهذا الأمر، إنكار حق أية جهة في تغيير موقفها، ولا التشكيك بحق الاخوان بالاستمتاع بما أنجزوه من فوز في قيادة النقابة، غير أن ما يؤلم هو أن يقوم ممثلو الاخوان في النقابة بالتضحية بنقابتهم لمصلحة التنظيم السياسي بينما يفترض ان يكون التنظيم في خدمة النقابة. وتعالوا نناقش الأمر بهدوء:
أعطت النقابة منذ تشكيلها الكثير من التنازلات فيما يتعلق بمهامها وصلاحياتها المنتظرة، وقبلَت أن لا يكون لها دور في السياسة التعليمية ولا في المناهج، وأقرت نظاماً انتخابياً متخلفاً، ولكن ذلك كله كان يمكن تفهمه في ضوء حداثة التجربة وفي ضوء قوة الخصم الممثل بالحكومة وباقي الأجهزة الأمنية وغير الأمنية الضاغطة.
بهذا السلوك، لم تقدم النقابة نفسها على انها تحوز دائرة تمثيل واسعة لمصالح أعضاء هيئتها العامة، وقد رضيت هي بذلك بل ودافعت عنه بوجه تيار من المعلمين النقابيين المعارضين لنهج النقابة الحالي، وكانت الحجة أن ظروف إنشاء النقابة والصعوبات التي تواجهها،لا تسمح بأكثر من هذا النطاق الضيق من التمثيل وهذا الحجم المحدود من الدور، وأن المعلمين لم يخولوها التمثيل الكامل لهم سياسياً، وبالطبع كان ذلك مفهوماً إذا اخذنا بالاعتبار سيرة عقود طويلة من التضييق والمحاصرة من قبل الحكومة ووزارة التربية (واسمحوا لنا بعد اذنكم بالتذكير هنا أيضاً أن الأمر لم يتغير حتى في العهود التي كان فيها الاخوان على رأس وزارة التربية).
كان على النقابة أن "تحشم" سلاح الاضراب وأن لا تستهلكه بالطريقة التي جرت مؤخراً. لقد كان محزناً أن يجد معلمون من قادة الاضرابات السابقة أنفسهم ضد موقف نقابتهم في الاضراب الأخير. والمحزن أكثر أن تجد دعاية الحكومة ضد النقابة آذاناً صاغية في مختلف الأوساط، ولا يفيد كثيرا الاصرار على أن الاضراب نجح.
لقد أنجز المعلمون خلال سنتين من النضال النقابي تجربة أصيلة، ومن المؤسف أن يجري التضحية بها بهذه الطريقة .
( العرب اليوم )