نحو إقفال ملف المحروقات

الذين يقولون بتأجيل إجراءات رفع الدعم عن المحروقات إلى البرلمان القادم ، يوافقون ضمنأً على رفع الأسعار ، ولكنهم يريدونه عن طريق مجلس النواب المنتخب مما يعطي القرار شرعية ويحول دون الاعتراضات ، وهم يعرفون في قرارة نفوسـهم أن النواب السابقين واللاحقين يدركون أهمية وضرورة القرار الصعب ، ولكنهم لم ولن يصوتوا له، حرصاً على شعبيتهم الغالية!.
من ناحية أخرى فإن هؤلاء لا يحسبون كلفة الانتظار لشهور عديدة التي تبلغ 293 مليون دينار شهرياً ، تضاف إلى مديونية المملكة وترفع رصيدها إلى مستويات خطرة.
نصائح التأجيل تبدو ظاهرياً أنها من قبيل الانحياز للشعب ، ولكنها في الواقع تعني الاستمرار في إغراق الشعب بالمديونية، وإيصاله إلى حافة الهاوية ، والمطالبون بالتأجيل يتحملون مسؤولية العجز والمديونية.
والذين يقولون بأن هناك بدائل وحلولاً ويسمونها ، يعلمون أنها ليست بدائل بل مكملات لا بد منها ، فالأصل هو وقف الهدر والتوقف عن إحراق المال والتورط في المديونية. أما الحلول الأخرى فهي مكملات ، ومن شأنها الحيلولة دون تجدد الازمة ، وكلها تحتاج للوقت الذي يقاس بالشهور في بعض الحالات وبالسنوات في حالات أخرى ولا تشكل حلاً فورياً لمشكلة متفاقمة.
الحل الجوهري الذي يعفي الحكومة من هذا العبء السياسي والامني المتجدد هو تعويم المحروقات وفتح باب الاستيراد على مصراعيه ، على أن تفرض ضرائب جمركية على المشتقات شأن كل المستوردات ، وضريبة مبيعات شأن كل المواد والخدمات الأخرى ، وتترك الأسعار للمنافسة الحرة.
نعرف سلفاً ان المستوردين لن يبيعوا أسطوانة الغاز للجمهور بستة دنانير ونصف ، بل سيطلبون 14 إلى 15 دينارأً ، كما نعرف ان شركة مصفاة البترول الأردنية لن تصمد في وجه المنافسة ، لأن كفاءتها متدنية ، وتجهيزاتها مستهلكة ، وكلفتها عالية ، ولديها أضعاف عدد الموظفين اللازمين ، بما فيهم 40 مديراً ، وتدار أمورها بحيث تغطى تكاليفها الفلكية وتضاف إليها أرباح نقدية وعينية على حساب المستهلك والحكومة. مصفاة البترول المتقادمة جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل.
موضوع المحروقات تصنيعأً واستخراجاً وبيعاً ودعماً أصبح ملفاً مفتوحأً لمختلف الاجتهادات . الشيء المؤكد أن الامور ستستقر بشكل أو بآخر ، ويتم إقفال هذا الملف الذي انهك الحكومة والمواطن على السواء دون لزوم.
قلنا وقال غيرنا بهذا الحل عندما انتهى امتياز المصفاة ، ولكن أحداً لم يسمع.
( الراي )