غزَّة.. والغاز!!

تم نشره الأربعاء 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:38 صباحاً
غزَّة.. والغاز!!
خيري منصور

 

العلاقة بينهما ليست تشابها في الحروف بقدر ما هي واقع معقد، فالغاز لا يلعب دور البطولة فقط في حروب اقتصادية ذات اغطية سياسية، بل هو الان ينافس غزة على التظاهر والاعتراض، واذكر ان حوارا دار بيني وبين مدير معهد الاستشراق في موسكو السيد شاغال، قال فيه ان العلاقة بين النفط وفلسطين هي بيت الداء والدواء في الشرق الاوسط، واضاف: ان اي زعيم عربي يشير باصبعه الى فلسطين والنفط معا لا بد ان يدفع الثمن، وهذا ماحدث بالفعل مرتين على الاقل الاولى مصرع الملك الراحل فيصل والثاني مصرع العراق وليس نظامه فقط.

لقد تزامن الهجوم الوحشي على القطاع هذه المرة مع حراكات عربية تنادي باسقاطات عديدة، لكنها نادرا ما تهتف لسقوط الاحتلال فهو مؤجل حتى في الضفة الغربية التي شهدت قبل فترة حراكا ينادي باسقاط حكومة فلسطينية لاسباب اقتصادية، رغم ان الاحتلال هو سبب البلاءات كلها من الرغيف الى الحرية.

العالم الان يدرك ما الذي تهدف اليه اسرائيل رغم كل ذرائعها الدفاعية، وقد يسخر ساسة ومراقبون من هذا الخطاب الخائف الذي يصطنع دور الضحية، ويرتدي قناعها فمن يحاصر غزة ويجوع اطفالها ويعتدي عليها منتهكا بيوتها ومساجدها ومدارسها هو اسرائيل، ومن يدافع عن نفسه هو القطاع المقاطع، وليس تل ابيب ذات القبة الحديدية والحليف الامريكي الذي يمولها بالسلاح والقباب الفولاذية ويحول مستوطناتها الى ثكنات مدججة تقضم الاراضي وتستبيح حياة الناس.

واذا كانت الاشياء كما يقول اهل المنطق تستدعي مثيلاتها، فان غزة ليست قبيلة غزية التي قال شاعرها انه ابنها المطيع الذي يغزو اذا غزت ويرشد اذا رشدت.

فالشعوب على امتداد خطوط الطول والعرض في كوكبنا وبمختلف لغاتها تهتف الان لغزة وهي ترى اشلاء اطفالها وثواكلها وسماءها المغطاة بالدخان.

الافارقة والاسيويون والاوروبيون ليسوا من قبيلة غزية كي يكونوا الى جانبها بل هم متحضرون كشفوا المستور في دولهم التي طالما كذبت عليهم وورطتهم بدماء الشعوب وما قاله كاميرون رئيس وزراء بريطانيا رغم انه كثيرا ما ينطق عن الهوى ازعج نتنياهو والزمرة المتطرفة حين قال ان اسرائيل سوف تخسر الكثير اذا اقدمت على اجتياح بريّ لغزة. اوروبا ليست منشغلة بربيعها، لانها انتهت منه عام 1848 اي قبل قرن ونصف وان كان لها شجونها الاقتصادية والسياسية ايضا.

اما العرب فهم حائرون، وعربتهم التي عشش السوس في خشبها يقودها حصانان باتجاهين متعاكسين. فهم في اشتباك دموي مع بعضهم وقد تخربط ترتيب الاولويات في القائمة.

ومن يدري؟ لعلّ القطاع ادرك بعد عام 2008 انه وحيد، فنحت عكازه من عظم ساقيه وقرر ان يدافع عن حقه في البقاء بما لديه.. وما لديه لا يقاس بحاسوب الاسلحة، لان الشجاعة هي للاصبع الذي يضغط على الزناد وليست للزناد حتى لو كان من لهب او ذهب.

كلاهما يشتعل الان؛ الغاز ببورصاته ودسائسه وراء كواليس الشرق الاوسط، وغزة بدمها وكثافتها الديمغرافية التي لم تكن عبئا الا على من يقررون معاودة اختبارها باجتياح انتحاري. ومن يهتفون لغزة واهلها عليهم ألا ينسوا الاعتذار لكل طفل وشيخ وشجرة وزقاق فيها!!

 ( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات