إغلاق العقل السياسي

تم نشره الجمعة 23rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:12 صباحاً
إغلاق العقل السياسي
د. فهد الفانك

الانقسامات السياسية وتعدد المواقف والآراء أمر طبيعي في مجتمع حي وبلد يتمتع بالحرية ، وهي ظاهرة صحية شريطة إلا يؤدي ذلك إلى التمترس وإتهام الطرف الآخر وتخوينه.

لنفرض أن شخصاً ما يأخذ كل معلوماته السياسـية من فضائية الجزيرة ، وأن زميلاً له يأخذ كل معلوماته من فضائية المنار ، فالنتيجة معروفة وهي أن كلاً منهما يعيش في عالم خاص به.

الأول يعتقد أن في سوريا ثورة شعبية من أجل الديمقراطية والحرية والكرامة ، وأن فيها نظاماً طائفياً قاسياً ومتسلطاً يقتل شعبه ويهدم الاحياء السكنية على رؤوس ساكنيها. والثاني يعتقد أن سـوريا محور المقاومة والممانعة ، وأنها ضحية مؤامرة دولية ، وأن عصابات إرهابية مسلحة تحاول تدمير سوريا وإنهاء دورها القومي لخدمة إسرائيل ، وهي مدعومة بالمال والسلاح والإعلام من أميركا وفرنسا وقطر وتركيا.

ليست هناك أرض مشتركة ينطلق منها الإثنان ، فكل منهما أغلق عقله باتجاه واحد ، وكل فريق يرى أن الفريق الآخر مصاب بالعمى فلا يرى الحقائق الناصعة.

من يقرأ الصحف اليومية يستطيع بسهولة أن يسمي فريقين من الكتـّاب كلاً منهما مصاب بالعمى ، فلا يرى الوجـه الآخر من الحقائق كما هي على الأرض ، بل يتشبث بصورة واحدة يعززها كل يوم بالإقبال على وسائل الإعلام التي تحمل وجهة نظره ، ومقاطعة الوسائل الأخرى التي تحمل وجهة نظر مختلفة أو تدّعي الحياد. 

من حسن الحظ أن رؤساء التحرير ليسوا من العميان ، فهم يفسحون المجال للفريقين. وحتى تاريخه لم يكسب أحدهما المعركة ، لأن للأغلبية الشعبية رأياً آخر فهي ترى الأشياء كما هي ، وتجد أنها في الغالب صراع بين السيء والأسوأ.

هذا الاستقطاب الموجع يجمد الامور ، ويسبب قدراً من التأرجح والجمود ، فقوة أحد الجانبين التي تضغط باتجاه ما ، تعادلها قوة الجانب الآخر التي تضغط بالاتجاه المعاكس ، فتكون المحصلة صفراً.

في مجتمعنا حالات استقطاب عديدة وثنائيات متعددة تمثل الوضع الطبيعي في مجتمع ديناميكي: يمين ويسار ، محافظون وليبراليون ، أغنياء وفقراء ، قطاع عام وقطاع خاص ، موالون ومعارضون ، أردنيون وفلسطينيون ، مسلمون ومسيحيون ، إلى آخره,

وهي تمثل تفاعلاً صحياً يمكن أن يخدم المجتمع شريطة أن يظل في نطاق الاختلاف وليس الخلاف ، وأن لا تتحول الثنائيات إلى مواقف عقائدية جامدة ، تغلق فيها الأطراف عقولها ، فلا ترى أن لقطعة العملة وجهاً آخر. ( الرأي )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات