رفع الدعم عن مقبرة سحاب

منذ يومين أعلنت الجهات المعنية بالمقابر، أن القبر الواحد في مقبرة سحاب يكلف الدولة مقدار 400 دينار ، بينما يدفع المواطن منها 50 ديناراً فقط. وهذا يعني أن القبر بصفته "سلعة موت"، لا يزال مدعوماً بنسبة عالية.
على الجهات المختصة باقتصاديات الموت، أن تنتبه جيداً الى التعقيدات الخاصة بالدعم النقدي المخصص للقبور، وهي تعقيدات تجعل نقاش المسألة يختلف كلياً عما اتبعته الحكومة، بنجاح وحرفية عالية، عند نقاشها مسألة دعم السلع في مرحلة ما قبل الموت.
إن القبر من الناحية الاقتصادية هو في المحصلة سلعة يستهلكها الموتى عن طريق ذويهم الذين سيصبحون موتى ذات يوم، فصحيح أن مَن يدفع ثمن أي قبر هو شخص حي بالضرورة، لكنه يوماً ما سيصبح "مستهلكاً" لهذه السلعة، ولعل القبر هو السلعة الوحيدة التي لا يشعر بها مستهلكها إلا عندما يدفع سعرها لمصلحة مستهلك آخر سبقه الى طلبها.
إن رفع الدعم عن سعر القبر، سوف يقود الى ارتفاع سعره ثمانية أضعاف. وصحيح أن الأعمار بيد الله، غير أن رفع سعر القبر بهذه النسبة العالية، سيخفض الطلب على الموت، وبالذات على صنف الموت الذي يرتفع الطلب عليه بسبب صعوبة العيش.
لاحظوا العلاقة "الدفينة" بين دعم الموت ودعم الحياة. إن سياسة دعم القبور تصب في النهاية في تخفيض مبالغ دعم السلع الأخرى، لأن مَن يموت يترك حصته من الدعم خلفه. ومن المؤكد أن البلد لم تكن لتدخل في الأزمة الاقتصادية الراهنة لو أن "مستحقي الدعم" اختاروا الموت بأسرع ما يمكن، في قبر مدعوم ( العرب اليوم )