فشل المعارضة وهزيمتها النكراء

يبدو ان قرار رفع الدعم ثبت واستقر ولن يكون هناك تراجع عنه، ولا حتى تجميده؛ إذ إن الصلاحية بذلك لم تصدر، ويبدو انها لن تصدر ابدا، فكل رفع للاسعار والاردن والشعب بخير، والحقيقية انهما بخير؛ وذلك لانه طوال الوقت الذي تلا صدور القرار وحتى الان لم تصل الامور الى الاسوأ الذي كان متوقعا، وأجزم بأن الفضل بذلك لا يخص الجانب الرسمي ابدا، إذ بدا طوال الفترة متأهبا للرد على اي فعل واي احتمال، وانما للمعارضة من مختلف اطيافها التي مارست اعلى درجات الرشد وأرق وسائل الاحتجاج.
قلت في مقال سابق عن الحكومة إنه لا ينبغي لها ان تنتصر على الشعب، وكان في ظني انها ستنتفظ ضد رفع الاسعار، وانها لن تتهاون معه، والحقيقة الآن انها انتصرت فعلا، ولكن ليس على الشعب الذي ظهر محايدا وبلا اكتراث وانتظر صرف التعويض مستسلما لقضاء الحكومة وقدره منها، وانما على المعارضة التي ذهبت كل احتجاجاتها ادراج الرياح دون ان تخلف اثرا يذكر، اللهم سوى ذكرى بائسة عن فشل وهزيمة امام حكومة ليس من شك في أنها من اضعف الحكومات الاخيرة، وتحولت الآن الى عملاق، وهي تلحق بالمعارضة هزيمة نكراء، وان لم تكن بالضربة القاضية.
اعتبارا من مساء الجمعة الفائت حسمت المعركة، والذين راهنوا على انتصار المعارضة حسموا امرهم، والاكيد انهم بصدد تقديم طلباتهم إلى الحكومة لنيل تعويضها، وليس من شك ايضا في أن من تنطبق عليه شروط التعويض منهم سيتقدم بطلبه ايضا. ويبدو كالذي بدا اعلاه ان ملف رفع الدعم اغلق عمليا، وأنه لا دواعي الآن للاحتجاج عليه على وجه التحديد، وانه على المعارضة ان تعود للبحث المعمق في ملف الاصلاح وايجاد وسائلها المبتكرة لتحقيقه؛ إذ إن انتصار الحكومة سيفتح شهيتها الى مزيد من الانتصارات، واذا حققت جديدا فعلى الاصلاح والمعارضة الرحمة، وتلاوة ما تيسر من اغاني الوداع عليها، وليس اي سورة لا تستحقها وهي التي تريد ان تنعى نفسها بنفسها قتلا ما بعده ترديا، إذ اين لنا ان نجد حكومة تجر الناس والفقراء منهم خلفها بقرار لغلاء المعيشة، في حين تفشل المعارضة في كسب الناس ليكونوا مع انفسهم؟
من حق الحكومة ان تنتصر وتحتفل، وإن استخدمت في معركتها امكانيات الدولة، فهي بالحكم وذلك متاح لها وليس معتادا هنا ان تسخر ايضا للمعارضة، ومن حق المعارضة بالمقابل ان تجد ما تراه مناسبا لاستمرار معركتها السياسية، وهذه المرة بعيدا عن الثقة الزائدة بالجماهير التي تخذل نفسها فما البال بالمعارضة! ( السبيل )