نشر برنامج التصحيح

كان من المقرر أن ُتنشر تفاصيل الإتفاق بين الأردن وصندوق النقد الدولي يوم 12/11/2012 على الموقعين الإلكترونيين لوزارة المالية والصندوق ، لكن الحكومة طلبت تأجيل النشر إلى ما بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات الذي صدر بعد يومين من ذلك التاريخ فقد أرادت الحكومة أن تسير أمام البرنامج لا وراءه.
اما وقد صدر القرار وجرى تنفيذه ، فلم يعد هناك سبب للتأجيل ، خاصة وان وزارة المالية تنادي بالشفافية ، وليس هناك ما يلزم إخفاؤه. وإذا كان في البرنامج قرارات صعبة ، فقد انتهينا للتو من أصعبها.
هذه الاتفاقية لم تعقد في عهد حكومة الدكتور عبد الله النسور ، وليس فيها على كل حال ما تخجل منه أية حكومة ، وقد عقد مثلها في مصر.
وهنا نلاحظ أن صندوق النقد الدولي أخذ مؤخراً بسياسة جديدة ، فلم يعد يضع برامج للتصحيح جاهزة ويفرضها على الحكومات ، بل ينتظر أن تتقدم تلك الحكومات في البلدان المأزومة طالبة دعم الصندوق ، فيطلب منها أن تقدم برنامج عملها للإصلاح ، فإن وجده مقبولاً تم توقيعه ، وإلا قدم انتقادات واقتراحات تأخذ بها الحكومات أو لا تأخذ.
بالنهاية فإن البرنامج ذو منشأ وطني مقبول للصندوق وليس مفروضاً منه ، وبالمناسبة ليس لدى الصندوق سلطة فرض شيء على أية حكومة ، كل ما هنالك أن لدعمه وتمويله شروطأً مثل أي بنك يقرض عميلاً ، فمن أراد الحصول على التمويل يجب أن يقبل بالشروط وينفذها في مواعيدها ، أما من لا يريد أن يقبل الشروط فهذا شأنه وعليه أن لا يطلب مساعدة الصندوق مالياً وفنياً.
الصندوق لا يبتدع حلولاً سحرية ، وعندما يتم نشر البرنامج سيتضح أن جميع الإصلاحات والقرارات المطلوبة بموجبه كانت معروفة لنا ، وكنا قد كتبنا عنها وطالبنا بها دون انتظار لبرنامج يقبله الصندوق. ولو أخذت بها الحكومات المتعاقبة لما احتاج الأردن اليوم أن يقرع أبواب الصندوق مرة أخرى.
الأردن ليس الدولة العربية الوحيدة التي طبقت برنامجاً للإصلاح الاقتصادي والمالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ، فقد التزمت بمثله في أوقات مختلفة كل من تونس والمغرب واليمن ومصر ، وقد نجح فيها جيمعاً وحقق أغراضه. ( الرأي )