تغريدة على رقعة الشطرنج

المتتبع للصحافة الغربية وخاصة الاميركية "الواشنطن بوست" تحديدا، والبريطانية "الاندبندنت" في اكثر الحالات، يلتقط هجوما مباشرا على سياسات الملك في قضايا الاصلاح، وأن الاوضاع في الاردن "هدوء قبل العاصفة" وهذه الصحف لا تعبر عن وجهات نظر محرريها فقط، بل تعبر عن مراكز دراسات وصنع قرار، ولهذا ينفتح السؤال المباشر، لماذا هذا الهجوم، وفي هذا الوقت بالذات؟.
ليس لدي اجابة محددة، رغم ان البلاد تزدحم بالسيناريوهات العديدة، بعضها قابل للتركيب والتصديق، والبعض الاخر، أضغاث احلام.
بعضها بأدوات محلية، وبعضها باجندات خارجية، واهداف غير معلنة، لكنها تتماشى من سياقات ما يحدث في المنطقة التي اصبحت مشاكلها متداخلة، ولاعبوها يسيطرون على كامل رقعة الشطرنج، بجنود عسكر، وأحصنة اعلامية، وفيلة مالية، وقلاع اقليمية، ووزراء يلعبون على الحبلين.
في واشنطن بوست: "غليان وغضب في الاردن"، واكثر من ذلك، وتغييرات على رقعة الشطرنج، تبدأ من نهايات ما جرى في غزة، و"اوسلو 2"، والدولة المنتظرة في القطاع بزعامة خالد مشعل (نجم الاسبوع الماضي بلا منازع) وبمباركة الرئيس المصري محمد مرسي الذي نجح في اول اختبار امام الادارة الاميركية، فهجم في اليوم الثاني لزيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على القضاء المصري، بعدما كان قد هجم في زيارتها الاولى على قيادة العسكر، ومنح مكافأة البنك الدولي بالموافقة على قرض خمسة مليارات دولار في اليوم التالي، كما سيحصل على وسام اسرائيلي إن خلص جنودها من مقبرة القطاع.
في حرب غزة، حضر الروس والايرانيون والاتراك والقطريون وحضر مشروع الغاز، الممتد من مياه غزة الاقليمية الى لبنان فسورية وقبرص، كما حضر الاميركان الديمقراطيين بفوزهم المظفر على الجمهوريين في الولايات المتحدة، وانصارهم في الدول العربية، حيث سيدفعون ثمن مراهناتهم الخاسرة، في "ربيع حمد".
واهمٌ من يعتقد أن الحلف الجديد في العالم، ما بين الولايات المتحدة والشعوب التي يمثلها الآن، رضينا ام لم نرضَ، التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، والذي يتحصن الآن عبر ما يتشكل في "الهلال السني" من مصر وتركيا والسعودية وقطر، لديه محرمات في التعامل مع كل الملفات، ومهما كانت مخاطرها، فمسبحة سورية، قد تصل حباتها لحظة الانفراط إلى كل المنطقة، لكن من غير أن تتضرر مصالح روسيا وايران بعد أن خاضتا حربا مباشرة مع الاميركان واسرائيل في غزة، وخرجتا منتصرتين، بحساباتهما، وعينهم الآن على مخرج مشرف في الموضوع السوري.
على مقياس كل هذه السيناريوهات، وبعد أن تم تجميد محمود عباس في ثلاجة رام الله، بانتظار مصير الضفة الغربية، بعد أن تحدد مصير غزة، وبعد أن تم تقويض مشروع نتنياهو لصالح ملكة الاغواء رئيسة الوزراء المقبلة في اسرائيل تسيفي ليفني، علينا أن لا ننظر لما ينشر في الصحافة الغربية على انه منزوع من سياق المنطقة، وما يتم فيها من تبادل المصالح، والتي يسيطر عليها الهم الاقتصادي اكثر من الهموم الاخرى، التي نعتقد انه صعب تجاوزها، لكنها في حسابات الدول، لا تتعدى لعبة تغيير في الاشخاص وشكل الأنظمة. ( العرب اليوم )