حول تعديل قانون ضريبة الدخل

تعديل قانون ضريبة الدخل كحل للأزمة المالية الراهنة هو أحد الحلول التي يطرحها مقاومو إصلاح الدعم الاستهلاكي الشامل ، فالدستور ينص على مبدأ التصاعد ، والاغنياء عليهم أن يسهموا في تمويل الدولة.
هنا نشير إلى أن التصاعد المقصود يقتصر على الأفراد ، أما فيما يخص البنوك والشركات فهي تخضع لنسب محددة وليس في العالم كله ضريبة دخل تصاعدية على الشركات بمعنى تقسيم الأرباح إلى شرائح تدفع نسباً متزايدة.
مثل هذه الخطوة تؤدي إلى انقسام الشركات الكبرى إلى شركات أصغر تابعة ، والحيلولة دون اندماج الشركات لأن تصاعد الضريبة ينتج حافزأً سلبياً ، وبذلك يكفي أن تدفع الشركات على أرباحها نسبة محددة.
التصاعد فيما يخص محاسبة الشركات ممكن بالضرائب النوعية ، أي تحديد نسبة معينة لكل قطاع بحيث تدفع الصناعة أقل النسب ، تليها الخدمات المختلفة ثم البنوك ، وهذا ما هو معمول به في القانون الحالي ، كل ما هنالك أن بالإمكان نقل شركات التعدين وشركات الاتصالات إلى مستوى أعلى من الضريبة شأن البنوك.
لا يجوز المبالغة في الضغط على قانون ضريبة الدخل كوسيلة جباية لأن لذلك نتائج سلبية ، فالمستثمرون لا يرغبون في الاستثمار في البلدان التي تفرض ضرائب عالية ، علمأً بأن ارتفاع معدلات الضرائب يعمل كحافز للتهرب الضريبي وبذلك تنقص الحصيلة بدلاً من أن تزيد ، ويرتفع العبء على المكلف النزيه في حين يستفيد المكلف المتهرب.
القانون الحالي المطلوب تعديله صدر كجزء من عملية الإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار وتقليل الاختلالات الاقتصادية ، وتأكيدأً لكونه أداة اجتماعية وليس مجرد أداة جباية ويجب المحافظة على هذه المزايا.
لا يعني هذا أن القانون الحالي منزل ولا يجوز المساس به ، فحاجة الخزينة للمزيد من المال يمكن تلبيتها بزيادة معدل الضريبة على شركات التعدين والاتصالات وتخفيض الشريحة المعفاة للأفراد من 24 ألف دينار إلى 12 ألف دينار سنوياً وإن كانت هذه الخطوة الأخيرة تمس مصحلـة الطبقة الوسطى المطلوب تشجيعها وحمايتها ، وإضافة شريحة أخرى لذوي الدخل العالي تدفع 28% بدلاً من 14%.
في جميع الحالات فإن الحديث عن قانون ضريبة الدخل سابق لأوانه ، فليس هناك برلمان لإقراره ، ولا يمكن دستورياً إصداره بقانون مؤقت ، وبالتالي لا يدخل في باب الحلول الفورية ، ولا يصلح عذراً لتجنب القرارات الصعبة.
( الرأي )