"الحقوهم بالسكين"

(1)
يواجه الإخوان المسلمون في مصر وتونس نقداً قاسياً. حصل ذلك بزمن قياسي (شهور في مصر وحوالي سنة في تونس). ولو قارنا مثلاً مع التيار القومي (والوطني) الذين وصل سابقاً الى السلطة في أكثر من بلد عربي، نجد أن هذا التيار احتاج لسنوات طوال حتى استحق تهماً مثل الاستبداد والفساد والتنكر للشعب، بينما يتم الآن بسهولة توجيه مثل هذه التهم للإخوان المتواجدين حديثاً في السلطة.
(2)
تحمل ذاكرة الفلاحين في الأردن مشهداً طريفاً: كان الدجاج يربى في البيوت، وكان يحصل أحياناً أنْ تُصاب إحدى الدجاجات بجرح أو كسر صعب لا يعالج، وبمجرد أن يعلم أي من كبار المنزل بالأمر، كان يصيح بسرعة وقلق: "الحقوها بالسكين". وهو بذلك يدعو الى المسارعة الى ذبحها كي يستفاد من لحمها قبل أن تموت بلا فائدة.
لاحظوا أن الدعوة الى لحاق الدجاجة بالسكين، هي دعوة إيجابية، وليست بالتأكيد، مجرد دعوة الى ذبحها وهي حية. إن هذه الدعوة كانت تصدر بالعادة من أصحاب الدجاجة بل من أقرب الناس إليها، ومن غير الممكن أن تكون موجهة من قبل الخصوم، وذلك بالطبع رغم انتشار مبدأ احترام "الدجاج والدجاج الآخر" آنذاك.
(3)
لم تجد الحركات القومية، التي وصلت الى الحكم في العقود الماضية، لا من داخلها ولا من خارجها بالطبع، من يصيح: "الحقوها بالسكين"، واليوم يخشى أن تتعرض الحركة الاسلامية بسهولة للتجربة ذاتها. مع فارق السرعة في تلقي الضربة القاتلة بين الحركتين (كدت أقول الدجاجتين). ومن يدري؟ فقد يتكرر فارق السرعة مرة ثانية في مرحلة التحلل، فيكون هذا التحلل أسرع في حالة الاخوان.
(4)
لا القومية ولا العروبة ولا الوطنية انتهت مع هزيمة القوميين، وبالتأكيد أن الاسلام لن ينتهي بهزيمة تبدو متسارعة للاسلاميين، الذين لا نعلم إن كان أحد من داخلهم سيلحقهم بالسكين، وإلا فإننا سنواجه صعوبة في الاستفادة من المتبقيات . ( العرب اليوم )