الحكم "ثقيل الظل": مصر نموذجاً

لم يكتف حكم الاخوان في مصر بإنتاج صيغته الخاصة من الاستبداد والظلم والانصياع للأمريكي ومراعاة الاسرائيلي والاستهانة بالشعب وتاريخه وحضارته وثقافته، وغير ذلك من لمسات خاصة يحاول أي حكم أن ينتقي منها أو من نقائضها.
الجديد اليوم أنهم أبدعوا صيغة شديدة الخصوصية قد تسجل لهم كتجربة فريدة عالمياً، تتمثل في إنشائهم نمط الحكم "ثقيل الظل"، وتبرز أهمية هذا الأمر بالنظر الى ما يعرف عن مصر عموماً، حكماً وشعباً، من خفة ظل. إننا بصدد تجربة مبدعة خارجة عن المألوف في التاريخ المصري الطويل.
لاحظوا مثلاً أن آخر ثلاثة رؤساء قبل مرسي (عبدالناصر والسادات ومبارك) كانوا ولا زالوا مثار اختلاف، ولكن أياً من المصريين لم يكن يناقش مسألة خفة ظل الحاكم باعتبار أن خفة الظل ككل هي مواصفة مصرية عامة. وحتى مبارك فإنه استمر لآخر أيامه يحاول في مجال خفة الدم، لكنه لم يتلفت الى أن المصريين أصحاب مزاج في هذا الشأن، وأن خفة الدم غير الأصيلة تتحول في نظرهم الى "غلاسة".
اليوم يطغى ثقل الظل على مشهد الحكم في مصر، وبالطبع ليس للأمر صلة بعبوس الرجال، المفضل عند الشدائد، فالعبوس لا يشترط ثقل الظل على الاطلاق، كما أن ثقيل الظل لا يستطيع أن يتقن عبوس الرجال الحقيقي.
راقبوا حديث رجال الحكم الحالي في مصر هذه الأيام عن الأمور المتعلقة بالتسامح والمحبة ووحدة الشعب واستيعاب الآخر وعن الحريات والحقوق، إنكم حتماً ستكتشفون نموذجاً نقياً لممارسة "ثقل الظل" كأسلوب في الحكم.
( العرب اليوم )