دولة فلسطين

تم نشره الأحد 02nd كانون الأوّل / ديسمبر 2012 12:46 صباحاً
دولة فلسطين
د. رحيّل غرايبة

استطاع الفلسطينيون تحقيق خطوة إلى الأمام في التقدم نحو تحقيق اعتراف دولي بكيانهم ووجودهم وحقهم في إقامة دولتهم على أرضهم أو على جزء منها حتى لو كانت تحت الاحتلال والحصار ظلماً وعدواناً من قبل قوة غاشمة تمارس التضليل والخداع، وبتأييد وحماية الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تستطع إقناع العالم بل لم تستطع إقناع حلفائها المقربين بمنطقها الأعوج الذي يرمي إلى الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية.
المنطق الصهيوني الأمريكي المتهافت الذي يدعو إلى معارضة القرار العربي المطروح على الجمعية العمومية للأمم المتحدة القاضي بالاعتراف بدولة فلسطين بصفة مراقب لم يحظ إلاّ بتأييد تسع دول، منها "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وجمهورية التشيك، ودول أخرى لا يكاد يعرفها أحد مثل: جزر مارشال، وميكرونيزيا، ونورو، وبالاو، وبنما... وهي عبارة عن مستعمرات أميركية في بعض الجزر الصغيرة التي سميت دولاً، من أجل الرقم العددي في الأمم المتحدة.
فاز قرار الاعتراف بدولة فلسطين بتأييد (138) دولة ومعارضة (9) دول، وامتناع (41) دولة عن التصويت، ويدل التصويت دلالة واضحة على تعاطف الرأي العام العالمي مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وقناعته بعدالة قضيته، كما يؤشر بوضوح على هبوط المنحى "الإسرائيلي" إلى الأسفل، وتؤكد الرؤية العالمية أن "إسرائيل" عبارة عن قوة احتلال معتدية، وأصبح العالم كله أمام حقيقة بطلان السحر الذي لم يعد قادراً على تسويغ الباطل إلى الأبد.
اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين بصفة مراقب ليس انتصاراً عظيماً؛ ولكن ينبغي أن يوضع في قدره من دون مبالغة من جانب، ومن دون تبهيت للخطوة أو تشكيك بأنها تمثل تفريطاً بالحق الفلسطيني، لأن هذا الاعتراف لا يعني تنازلاً عن الحقوق الفلسطينية التاريخية، وقيام دولة فلسطين على بعض أجزاء الأرض الفلسطينية لا يلغي المطالبة بزوال الاحتلال، ولا يلغي المطالبة بحق العودة لكل فلسطيني إلى أرضه وداره، مهما طال الزمن، ومهما كانت المعيقات.
الآن يجب أن تبدأ معركة جزئية أخرى ولكنها مهمة تتمثل بمواجهة الاستيطان الاسرائيلي الذي يلتهم الأرض الفلسطينية التهاماً، كما يجب خوض معركة مواجهة تهويد القدس بكل السبل المتاحة على الصعيد المحلي الفلسطيني والعربي والإقليمي، وعلى مستوى العالم وفي المحافل الدولية، بالإضافة إلى خوض معركة "الجدار العنصري العدواني" الذي صدر بحقه قرار واضح وحاسم ببطلانه وضرورة إزالته من محكمة العدل الدولية الذي لم يتم استثماره من قبل السلطة الفلسطينية ومن قبل الفلسطينيين عموماً بطريقة ناجحة تسهم في زيادة عزلة (إسرائيل) على الصعيد العالمي.
هذه المعارك الجزئية، لا تلغي المعركة الكبرى، التي يخوضها الفلسطينيون وهي معركة التحرير للأرض والإنسان، كما يقول بعضهم، ولكنها تسهم في احياء القضية، ومشاغلة العدو، وتحقيق أي انتصار على أي صعيد من صعد المواجهة مع العدو، يعد تقدماً وانتصاراً جزئياً على طريق الانتصار الكبير، سواء كان ذلك على الصعيد القانوني، أو على الصعيد الإعلامي، أو على صعيد كسب الرأي العام العالمي، فكل ذلك يصب في المصلحة العامة للقضية الفلسطينية العادلة.
خلال الأيام القصيرة الماضية قد تم توجيه صفعة عسكرية للكيان المحتل على يد "غزة" في المواجهة الأخيرة التي أطلقت قوات الاحتلال (عمود السحاب) التي أسفرت عن فشل خطة التحالف الحاكم في "تل أبيب"، بدليل إعلان وزير دفاع العدو عن الانسحاب من العمل السياسي على إثر تقويم عملية غزة، وإعلان دولة فلسطين يمثل صفعة دبلوماسية أخرى لحكومة الاحتلال، وهذا كله يصب في تقرير حقيقة كبيرة تتمثل باختلال موازين القوة التي كانت تصب لمصلحة الاحتلال، وتهيئ لولادة معادلة سياسية جديدة حتمية، رغم أنف الأقوياء، وبالرغم من الزوبعة التي يثيرها المنهزمون والغوغائيون وفلول الأنظمة البائدة وما لفّ لفّها.

( العرب اليوم )

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات