نقف على رؤوس الأصابع

نعود إلى عمان بعد خمسة أيام في الكويت اطلعنا على انتخابات مجلس الأمة التي تشبه الانتخابات عندنا، بعد أن عادت الكويت إلى نظام الصوت الواحد، وقد تم في هذه الأيام إمطارنا بمئات الأسئلة من الأصدقاء الكويتيين والعرب ضيوف الانتخابات، كانت تختصر جميعها بالسؤال المحوري ، ما الذي يجرى في الأردن ؟. طبعا السؤال مرتبط بما نقلته وسائل الإعلام العربية وخاصة "الجزيرة" عن الحراك في الأردن، الذي صعد مستوى الشعار فيه بعد ساعة من قرار رفع أسعار المحروقات، إلى "المطالبة بإسقاط النظام". طبعا، إجابات معظم أعضاء الوفد الإعلامي الأردني كانت توضيحية وتحليلية وواقعية، من دون مبالغات، والاهم عدم نكران وجود أزمتين، الأولى حادة وهي الأزمة الاقتصادية، والثانية يمكن التفاهم عليها وهي الأزمة السياسية، لكن قطعا لم يتمكن احد من إعطاء إجابات حاسمة تشبع نهم الزملاء كبار الكتّاب العرب. ليس السبب فينا حتما، لكن السبب في الأوضاع التي نعيشها و تجعلنا نقف على رؤوس أصابعنا، حيرة واستغرابا. فحتى الأمس، كانت أسطوانة تأجيل الانتخابات مسيطرة على صفحات الإعلام، وقراءات المحللين، وممارسات الحكومة، وتسريبات أعضائها، ومبادرات لجس النبض تخرج باسم رئيس الوزراء ولا ينفيها احد، في محاولة لإغراء الإخوان المسلمين بزيادة الانضباط والرشد.
وفي الموضوع الاقتصادي، الضاغط على عصب الدولة بكل مكوناتها وأجهزتها ومواطنيها، تسمع أرقاما لا يصدقها احد، وتعهدات كارثية لجماعة صندوق النقد والبنك الدوليين، إذا تم تمريرها، فإن الحكومة هي التي تغني " شعللها شعللها..."، وتقرأ خبرا دقيقا لمدير دائرة الاقتصاد في "العرب اليوم" الزميل ابراهيم خريسات، حول تعهدات حكومية برفع أسعار الكهرباء والمياه، فيطير صواب العقل، وتتساءل كغيرك، معقول، أن هناك مؤامرة لتأزيم الأوضاع في البلاد أكثر وأكثر؟. تنظر حولك، بعد حوارات طويلة مع أشخاص يخافون على الأردن، وتلمس لهفتهم الصادقة، عندما يفاجئونك بمداخلة طويلة عما يصل إلى مسامعهم من قصص فساد في الأردن، لشخصيات في مواقع المسؤولية، وبعض حاشية رأس الدولة، ويصدمونك بسؤال الزاوية، ما الحل في الأردن؟ ولماذا تتكرر الأسماء ذاتها وتورث المناصب، لأسماء متهمة بالفساد، فيأتي الأبناء لاستكمال المهمات.!! تصفن قليلا، بعد أن تنتهي من هذه الحوارات، وتتساءل فعلا لماذا يبقى النظام أسير العلبة ذاتها، فمنها يخرج الوزراء والمستشارون، ورجالات الدولة في كل المواقع، أليس الحل بتغيير كل هذا النهج، والبحث عن أسماء جديدة، على الأقل لا يشوبها الفساد من اليمين أو اليسار، وتكون مجربة في السياسة والاقتصاد، وناجحة في مشاريعها الخاصة التي لم تكسب على ظهر الدولة فلسا واحدا .
( العرب اليوم )