السياسة النقدية 2013

إذا كان البنك المركزي الآن بصدد رسم سياسته النقدية للعام القادم ، فعلى أي أساس سوف يبني تلك السياسة غير العموميات مثل الاستقرار النقدي والحفاظ على القوة الشرائية للدينار وتعزيز قوة الجهاز المصرفي وما إلى ذلك.
الاتجاه العام في إقرار السياسة النقدية للبنوك المركزية هو تحديد هدف لنمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية يشمل النمو الحقيقي مضافاً إليه معدل التضخم.
في هذه الحالة نرجح أن البنك المركزي سيكون واقعياً فيتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2013 بمعدل 5ر8% مثلاً ، مكونة من نمو حقيقي بمعدل 5ر2% ، وتضخم بمعدل 6% بعد الأخذ بالاعتبار التأثير المباشر وغير المباشر لرفع أسعار المحروقات على مستوى أسعار المستهلك.
يفيد هذا المعدل في إرشاد البنك المركزي في مجال تحريك سياسته النقدية عن طريق ضبط عرض النقد بحيث يمكن ضخ المزيد من السيولة إذا كان الناتج المحلي الإجمالي ينمو بأقل من 5ر8% بالأسعار الجارية. وعلى العكس من ذلك يمتص جانباً من السيولة إذا لاحظ أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ينمو بأكثر من النسبة المستهدفة ، سواء كان ذلك بسبب سخونة الاقتصاد وارتفاع النمو الحقيقي ، أو بسبب ارتفاع التضخم وتجاوزه للتقديرات.
لأغراض السياسة النقدية لا فرق بين أن يكون النمو بالأسعار الجارية عائدأً لارتفاع معدل التضخم أو لارتفاع معدل النمو الحقيقي ، والعكس صحيح في حالة الانخفاض ، فالسياسة النقدية تتفاعل مع النمو بقدر تفاعلها مع مستوى الأسعار.
كنا في السابق نطالب بالتكامل بين السياستين المالية والنقدية ، فإذا انكمشت السياسة المالية قام البنك المركزي بالتوسع النقدي لتعويض النقص. وإذا توسعت السياسة المالية في الإنفاق العام قام البنك المركزي بالتشدد منعاً لانفلات التضخم.
هذا المطلب لم يعد وارداً ، على الأقل في المدى القصير ، لسبب بسيط هو أن وزارة المالية واقعة تحت الضغظ ولا تملك ترف ممارسة سياسة مالية ، فالجهد منصب على تدبير المال لمواجهة الالتزامات ، أي أنها خاضعة للظروف وليست مسيطرة عليها.
هذا الواقع يرتب على كاهل البنك المركزي واجباً أكبر ، لأنه الجهة الوحيدة التي تستطيع تحريك مستوى السيولة بالاتجاهين دون أن يتحمل كلفة مالية شأن وزارة المالية ، فهو قادر على استرداد كل دينار يدفعه."الرأي"