مهدي وفادي

خلال السنتين الماضيتين، تابعت الظاهرة التي صار اسمها "شباب الحراكات"، وقد أمضيت زمناً (ربما عشرات الساعات) في مراقبتهم في الميدان بطريقة تشبه الى حد كبير طرق المخبرين، وقد تشكلت لدي الكثير من الملاحظات السلبية والايجابية.
جرت العادة ان تسمى الأجيال السياسية باسم العقد الذي تتشكل فيه تجربة كل جيل منها؛ (جيل الستينيات والسبعينيات وهكذا). وعلى هذا فإن لتجربة السنتين الأخيرتين في حياة الشباب الحالي، دوراً مهماً في هذا المجال.
سأختصر للدخول في الموضوع: فمن بين معتقلي الاحتجاجات الأخيرة ممن نشرت أسماؤهم، أعرف شابين هما مهدي السعافين وفادي مسامرة. لكل منهما تجربة تنتمي الى مسار مختلف، غير أنهما يمثلان مع عدد من زملائهما إحدى الظواهر المفرحة في مجمل الحركة السياسية الاجتماعية الجارية في البلد الآن.
أهم ما لفت انتباهي في المجموعات التي ينتمي اليها مهدي وفادي، وهو سعي منتسبيها الى تأصيل معارفهم وتعميقها في شتى شؤون الوطن (التاريخ والمجتمع والسياسة والهوية والثقافة وغير ذلك). وهذا أمر مهم للغاية بالنظر الى ما يميز كثيراً من منتسبي الحراكات من سطحية واعتقاد باكتمال التجربة ورضا بالثقافة السريعة ومن تقافز بين المجموعات والأفكار وما الى ذلك من ظواهر مقلقة.
لكن الأمر الأكثر خصوصية عند مهدي وفادي، (وعند غيرهم بالتأكيد)، هو ما يتمتعان به من أخلاق عالية وحياء من النوع المحترم. وعندنا في الرمثا، نمتدح مَن يتمتع بالخجل بقولنا أنه "لا يزال يعرق"، لأن تصبب العرق من أعراض الخجل المحترم، وبمقدوري القول أن فادي ومهدي "يعرقان" بالمعنى الرمثاوي للكلمة.
أكتب عن اثنين من المعتقلين، فقط لأنني اعرفهما، وأعتذر للآخرين، وأطالب بالافراج عن الجميع والتوقف عن الارتجال في مسألة الاعتقال وتوجيه التهم . ( العرب اليوم )