رفع الدعم لا يؤثر على النمو

إذا لم يحدث نمو يذكر في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من هذه السنة ، أو إذا حدث نمو سالب مما يخفض معدل النمو للسنة باكملها إلى 5ر2% بدلاً من 3% ، فلن يكون السبب رفع أسعار المحروقات ، بل العنف والفوضى التي أعقبت القرار ، وأساءت إلى مناخ الاستثمار ، وأدت إلى تجميد بعض النشاطات أو تأجيلها.
رفع أسعار المحروقات أو زيادة الرواتب والأجور أو ارتفاع أسعار المنتجات تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم ، ولكن الناتج المحلي الإجمالي يحسب بالأسعار الثابتة ، فارتفاع معدل التضخم يؤدي إلى ارتفاع معدل النمو بالأسعار الجارية ، وهذا مؤشر هام ، ولكنه ليس مقياس النمو الحقيقي.
يعتقد البعض أن ارتفاع أسعار المحروقات يؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج الصناعي والزراعي وغيرهما ، والحقيقة أن كلفة الإنتاج الحقيقية لا تتغير ، صحيح أن المنتج سيدفع الكلفة الحقيقية للمحـروقات بدلاً من الأسعار المدعومة السابقة ، ولكن كلفة المحروقات الحقيقية لم تتغير. كل ما هنالك أن المنتج كان يدفع جزءاً منها والحكومة تدفع الجزء الباقي ، أما بعد رفع الدعم فإن حصة المنتج من الكلفة الحقيقية سترتفع وحصة الحكومة ستنخفض ، ولكن الأمر لا يتغير من وجهة نظر الاقتصاد الوطني.
تحمل الحكومة جزءاً من كلفة الإنتاج في السابق نيابة عن المنتجين كان يخلق قدراً من التشوهات في التسعير ، كما أن الحكومة كانت تقترض المال من البنوك فيتحمل المواطن كلفة الدعم مع الفوائد ، وإن كان دفع هذه الكلفة مؤجلا لحين استحقاق الديون.
هل المطلوب أن تستدين الحكومة المال من البنوك بسعر 7% لكي تتحمل جزءاً من كلفة الإنتاج الصناعي؟ وهل يحصل المجتمع على منفعة من دعم الصناعة تعادل الضرر الحاصل من تراكم المديونية التي لن تسدد في المستقبل إلا من زيادة الضرائب والمزيد من التضخم وهو ضريبة غير مباشرة ، وإذا كان على الحكومة أن تتحمل جزءأ من تكاليف المحروقات التي تستخدمها الصناعة فلماذا لا تتحمل أيضاً جزءاً من تكاليف الرواتب؟.
التضخم سيء ، ويجب محاربته بكل الوسائل الممكنة ، ولكن الدعم والعجز والمديونية أسوأ ، والاصل أن تكون المشاريع الصناعية والزراعية وغيرها مجدية دون الاعتماد على الدعم.
وإذا كانت شركات التعدين والشركات الصناعية تعلن عن أرباح سنوية ضخمة فلماذا لا تدفع كلفة المحروقات التي تستخدمها. ( الرأي )