«3» حقائق تساعدنا على فهم ما يحدث

تم نشره الأحد 09 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 12:46 صباحاً
«3» حقائق تساعدنا على فهم ما يحدث
حسين الرواشدة

 

اذا اردنا ان نفهم ما يجري في عالمنا العربي، فان ثمة ثلاث حقائق يفترض ان ننتبه اليها: أولاها ان الشعوب العربية كسرت عصا الطاعة، وتمردت على الماضي والواقع معاً، ولم تعد تقبل بأية عروض سياسية - مهما كان مصدرها - تخفي نوازع الاستبداد او الاقصاء او الفساد، وبالتالي فان ما نشهده في بلدان سقطت انظمتها مثل مصر وتونس، واخرى تحاول الخلاص، وثالثة لم تصلها رياح التغيير، يعكس هذا “التمرد الشعبي” الذي خرج من قمقم الحصار التاريخي ولم يعد لديه القدرة او الرغبة على العودة الى الماضي، وربما يشكل ما حصل في مصر - مهما كانت الاسباب الاخرى. نموذجا لذلك، اذ ان “تمرد” الناس على مجرد قرارات رئاسية قد تضمن للرئيس ان يكون “فرعونا” لمدة اسبوعين فقط تؤكد ولادة “نزعة” ثأرية حادة ضد كل من يفكر باعادة عقارب الاستبداد الى الوراء.

اما الحقيقة الثانية فهي ان ثمة “ارثا” تاريخيا من حكم الاستبداد ما زال حاضرا في المشهد، وحتى لو افترضنا بان”الحكم” الجديد يمتلك الرغبة للتحرر منه وازاحته، الاّ ان امتدادا في “اللاوعي” داخل المجتمع بكل اطيافه وقواه السياسية يعني ان “ازالته” تبدو صعبة وبحاجة الى وقت اطول، ولا يتعلق هذا “بالاسلاميين” الذين وصلوا للسلطة فقط، وانما بغيرهم ايضا، ومرّة اخرى يمكن ان نستحضر ما جرى في مصر، وما يجري في تونس الان، مع اختلاف النموذجين، لنفهم تغلغل حالة “الخصومة” كإرث تاريخي لتراكمات الفساد والاستبداد والاقصاء التي حكمت طيلة العقود الماضية داخل “الذات” العربية،وربما يكون من سوء حظ “الاسلاميين” انهم وجدوا انفسهم في موقع “الحكم” وتحملوا بالتالي هذه التهمة مع ان غيرهم - لو كان مكانهم - لا يختلف عنهم ايضا.

الحقيقة الثالثة وهي ان “أيادي” كثيرة دخلت على خط التغييرات التي حصلت في عالمنا العربي، بعضها لا يعرف ماذا يريد بالتحديد ولكنه معني”بخلط الاوراق” وادامة حالة الفوضى، وبعضها - يهدف الى “وأد” الثورات في مهدها وافشال تجربتها، لانه يرفض انتاج اي “حكم نظيف” سواء اكان اسلاميا او ليبراليا، وبعضها يشعر بالخطر من دخول الاسلاميين الى ميادين “السلطة”وبالتالي فهو يتصدى لكسر هذا المشروع وتشويهه، سواء لإجهاضه او لمنع امتداده للخارج، وضمن هذه “الايادي” يبدو الاخر الاجنبي حاضرا في المشهد، لكنه يتعامل بميزان “مصالحه” مع الحدث، وهو لا يكترث بالاشخاص وربما بافكار “الحكم” ما دامت مصالحه مضمونة وخطوطه مفتوحة مع الفاعلين الجدد.

ربما نختصر هذه الحقائق الثلاثة تفاصيل اخرى، وترد على اسئلة حائرة ما تزال تتردد في عالمنا العربي، لكن المهم هو ان كل ما يحدث امامنا يبدو طبيعيا، وربما يستمر لسنوات طويلة قادمة، وربما نشهد اضطرابات واشتباكات ودماء ايضا، تماما كما حدث في مجتمعات اخرى مرّت بهذه التجربة، فيما يبقى امر واحد ثابت وهو ان “عالمنا العربي” تغير تماما وبانه لن يعود الى الوراء ابدا، ولن يتنازل عن مطالبه في الحرية والديمقراطية والعدالة..

صحيح ان الثمن الذي سيدفعه سيكون باهضا، وانه سيختلف من مجتمع لاخر حسب “استعداده” وقابليته للنهوض والتصالح، لكن الصحيح ايضا هو ان الصراع بين “تمرد الشعوب” و “حالة الثأر” التي ورثتها المجتمعات والفصائل السياسية وعبث الاخرين في المشهد، سينتهي حتما الى نتيجة واحدة وهي انتصار “ارادة” الناس وسطوع شمس الحرية في سمائنا العربية.. مهما طال الزمن.

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات