مصر بين العسكر والإخوان

ستبقى مصر وما يحدث فيها بوصلة الربيع العربي الجديد..
فالذي يحدث منذ أسبوع في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية حدث مثله قبل عام تقريبا، هل تذكرون، عندما طالب ألوف المصريين المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة للمدنيين بعد نحو سبعة أشهر من إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، يومها لم تشارك فيها جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع المتظاهرين إلى ترديد هتافات ضدها تقول: "إوزن إوزن بالميزان راهن دايما عالكسبان هي دي سياسة الإخوان"، يومها أيضا استمتع العرب بمشاهد اقتحام السفارة الإسرائيلية وبعثرة أوراقها ووثائقها في سماء القاهرة، في مشهد أعاد للثورة المصرية روحها القومية، وجاء ردا على كل المشككين في أجندة الثورات العربية، ومدى تدخل اليد الأمريكية في رسم ملامحها.
القضية الأساس فيما حدث في مصر وقتها تتلخص بوضوح في العنوان التالي: "الإخوان والمجلس العسكري المصري... إلى أين؟". أما الآن فإن ما يحدث في مصر مرتبط بهوية الدولة المصرية التي تحاول الجماعة خطفها، فجرب الرئيس المصري محمد مرسي من خلال الإعلان الدستوري، إلا أن الحضارة المصرية لم تسمح له بذلك.
في الصراع بين المجلس العسكري والإخوان ردّدت أوساط مصرية حديثا عن خلافات داخل صفوف الجماعة، وبالتحديد دينمو الجماعة المهندس خيرت الشاطر وعدد من أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة حول سبل التعامل مع المجلس العسكري.
الشاطر يومها رأى أن على الإخوان لعب دور "الإسفنجة" لامتصاص أي توتر، والظهور بمظهر الطرف الحكيم في اللعبة السياسية الانتقالية، إلى حين تسليم البلاد سلطة منتخبة، حيث يرى أن الصدام مع المجلس لن يكون في صالح الإخوان، نظرا لشعبية المجلس في الشارع المصري.
الطرفان اللذان اختطفا الثورة المصرية من بين أيدي صُنّاعها الشباب هما المجلس العسكري والإخوان المسلمون. فمنذ اللحظة الأولى لسقوط مبارك يسعى الطرف الأول إلى احتضان الطرف الثاني، حيث تم الإفراج عن جميع المعتقلين من الإسلاميين إخوانا أو سلفيين أو جماعة إسلامية سواء كانوا رموزا كبارا أو عاديين، وشهدت التظاهرات المليونية بعد الثورة على اختلافها صمتا إخوانيا سلفيا عن التعرض للمجلس العسكري ورئيسه السابق المشير محمد حسين طنطاوي.
المؤشر الأقوى الذي أكد تحالفا بين المجلس العسكري والإخوان تمثل في الاستفتاء على الإعلان الدستوري للمجلس الذي رفضته القوى الليبرالية على اختلاف توجهاتها كافة، والتي كانت تطالب بـ "الدستور أولا"، وحسمته قوة الإخوان والسلفيين وتحالفهما مع القوى الإسلامية الأخرى. وها هي القوى التقدمية والليبرالية تعود من جديد لإدارة بوصلة الثورة، المسقوفة شعاراتها بخطاب اليسار والدولة المدنية.
يبقى سؤال الزاوية في هذا المقام، كيف يتم التحقيق مع قادة "جبهة الإنقاذ الوطني" المصرية المعارضة محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى بتهمة "الخيانة العظمى" و"التآمر والانقلاب على الشرعية"، وايضا الاغتيال السياسي بالتواصل مع الاميركان، في ما العضو القيادي البارز في جماعة الاخوان المصريين عصام العريان منذ اكثر من اسبوع وهو يسرح ويمرح في واشنطن ومكاتبها.
( العرب اليوم )