المجالس الشعبية مدارس للديمقراطية
يأتي التكليف الملكي لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية بتأسيس برنامج جديد يركز على تنمية الانخراط المدني الفاعل وتعزيز المجتمع المدني في الأردن عبر تطبيق مفهوم الريادة الاجتماعية من خلال مبادرات تعميق الحوار الاجتماعي وتوسيع مشاركة الشباب ومساءلة المؤسسات العامة وتعزيز ثقافة الديمقراطية وقيمها خطوة في الاتجاه الصحيح والحقيقي لمأسسة وبناء ثقافة العمل والنهج الديمقراطي للمجتمع الأردني بكافة مكوناته.
وكون تعزيز ثقافة المشاركة الشعبية وتمكين الأردنيين لكي يساهموا في بناء مستقبل وطنهم تشكل اللبنة الأساسية لبناء الدولة الديمقراطية التعددية التي يشعر كافة أبنائها بالانتماء والولاء لمبادئها الأساسية المتمثلة في المواطنة والتعددية والاحترام المتبادل .
إن الفجوة الرئيسة التي تعاني منها إستراتيجية الدولة الأردنية في مجال التمكين الديمقراطي تتمثل في غياب التكامل بين عناصر التنشئة السياسية الوطنية؛ فالأسرة الأردنية تفتقر إلى الرؤية الوطنية الموحدة في التنشئة فيما تتباين أو ربما تتنافر الأدوار التي تؤديها المؤسسات التربوية والتعليمية في هذا الجانب؛ أما المؤسسات الدينية؛ إسلامية ومسيحية؛ فمعظم مشاريعها وبرامجها التوجيهية (الفكرية) لا يلمسها المواطن بشكل جلي؛ وعلى الأغلب تفتقر الى المؤسسية والإستدامة، ويرافق ذلك تدني مساهمة الأحزاب السياسية في بناء ثقافة العمل الديمقراطي لغياب أوضعف البرامج التنفيذية لهذه الأحزاب، ويضاف إلى ذلك تشتت وتباين الادوار التي تقدمها المؤسسات الإعلامية في الدولة، وهذا الواقع المؤلم يتطلب بناء إستراتيجية وطنية شاملة للتمكين الديمقراطي تتضمن العديد من المبادرات الإبداعية ليترافق تنفيذها مع جهود الإصلاح الشامل ؛ لابل ستشكل أحد دعائم هذا الإصلاح على المدى البعيد.
ومن المبادرات التي أعتقد أنها ستساهم في تحقيق التمكين الديمقراطي في المجتمع الأردني؛ تشكيل المجالس الشعبية وبطريقة منتخبة لتشمل كافة مكونات المجتمع الأردني في الريف والبادية والمخيم، بحيث ينشأ في كل (قرية، منطقة، مخيم) مجلس محلي منتخب بشكل مباشر من السكان(يكون للشباب والنساء نصيب فيه)؛ وهذا المجلس يتكون من عدد يتفق عليه بموجب ميثاق شعبي تقره الشريحة السكانية المعنية ويحدد نسب التمثيل وآلية الانتخاب وأهداف المجلس والتي تكون على الأغلب خدمية تشاركيه لأهالي المنطقة؛ وينضم العلاقة مابين الأهالي ومؤسسات الدولة وحتى مؤسسات المجتمع المدني في جوانب يتم التوافق عليها مع الجهات المعنية.
إن هذه المجالس إذا ما تم تنظيمها بطريقة مؤسسية ستشكل نواة حقيقة لتدريب المجتمعات المحلية على مبادئ الديمقراطية وتعميق الحوار الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية على أن يرافق ذلك تحقيق التكاملية بين عناصر التنشئة الاجتماعية في الدولة ضمن إستراتيجية وطنية تعد لهذه الغاية.