كاسترو الى حد ما!!

تم نشره الإثنين 17 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 01:47 صباحاً
كاسترو الى حد ما!!
خيري منصور

فيما كانت الأنباء تتعاقب حول نهاية وشيكة للرئيس الفنزويلي شافيز كان الرجل الذي لم يبلغ الستين بعد يصارع الموت بما لديه من فائض الحيوية والحياة، وقد لا يكون قد تعافى تماماً، لكنه من ذلك الطراز اللاتيني الذي يعمل لدنياه وليس لآخرته، كما لو كان سيعيش الى الأبد شأن معلمه ونموذجه فيدل الذي غاب بقامته المسرحية الفارعة عن المسرح لكن اصداءه وظلاله لم تغب.

فهل سيكون شافيز آخر رئيس في العالم الثالث من تلك السلالة المتمردة والتي أعلنت العصيان على تعاليم واشنطن؟ أم ان واشنطن التي قال هنتجتون انها أصبحت متخصصة في اختراع الأعداء، سوف تخترع عدواً آخر؟

البعض يرون في ظاهرة شافيز استثناء رومانسياً من حقبة سياسية واقعية، لم ينفع من لم يدخلوا الى بيت الطاعة أو البيت الأبيض غير التأقلم، والقبول بشروط تحذف السيادة لصالح البقاء على قيد السياسة والحكم فقط.

العالم تغير منذ ستينات كاسترو وخليج الخنازير وثقافة الحرب الباردة، ومن أصر على التشبث بأدبيات تلك الحرب دفع الثمن، ولم ينج كلا الزعيمين كاسترو وشافيز من دفع هذا الثمن، لكن لكل واحد منهما طريقته، فكاسترو تعرض كما يقول الى أكثر من مئتي محاولة اغتيال لشخصه وأضعاف هذا الرقم من محاولات اغتيال كوبا أو بمعنى أدق تجربتها، وشافيز ايضاً تعرض لمثل هذا الاغتيال المزدوج وكان ينجو لكن الى حين، ولعله يدرك بأن أمريكا لم تسعف حلفاءها القدامى عندما ادخلوا الى غرفة الانعاش، سواء كانوا بينويشهات من أمريكا اللاتينية أو شاهات من آسيا لأنه ما من بوليصة تأمين سياسية يمكن الحصول عليها من واشنطن حتى لدى هؤلاء الذين سبحوا باسمها وحولوها من امبراطورية الى قبيلة من طراز قبيلة غزية الجاهلية التي قال شاعرها والناطق باسمها انه عبدها.. فان غزت تبعها وان رشدت رشد مثلها وهدأ!

خطاب شافيز ومجمل ما يصدر عنه من تصريحات يبدو كما لو انه من تقنيات متحف الحرب الباردة، لكن الرجل ليس مجرد زعيم مصاب بمرض النوستالجيا والحنين الى أيام خلت، لهذا وجد من يصدقون هذا الخطاب، بل يراهنون عليه، وهم الذين خرجوا الى الشوارع يحتفلون بنجاح عمليته الجراحية الأخيرة وبكونه لا يزال حياً.

قد لا نجد زعيماً سياسياً في العالم الثالث اليوم يشبه شافيز، لكننا نجد نماذج من أفراد ظهروا في الشرق والغرب وأعلنوا البقاء على قيد أحلامهم وأفكارهم حتى لو دمروا، ومنهم من كان شعاره تلك العبارة التي أنهى بها ارنست همنجوي روايته العجوز والبحر، وهي ان الانسان يمكن ان يدمر لكنه لن يهزم، وكان فيدل قد تشبع بتلك الموعظة، لكنه اضطر في شيخوخته ان يجد تعريفاً جديداً للتدمير والهزيمة كي لا يخسر الرهان.

لا نعرف كم تبقى لشافيز من العمر السياسي، لكن ما يجب التذكير به هو ان ما قاله هنتجتون الأدرى بشعاب بلاده هو كلام دقيق وليس مجرد تعليق عابر، فأمريكا لا تعيش بلا أعداء، وان لم تجدهم تخترعهم على الفور، ولو صدقت نبوءة جيري روبين الذي قاد جماعة الييبز في الحرب الفيتنامية لكان العدو الأول لأمريكا قادماً من جوفها وأحشائها وليس من خارجها!!

( الدستور ) 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات