بعد إذن وزارة التخطيط

قبل أيام وقّعت وزارة التخطيط مع صندوق كويتي ثلاث اتفاقيات تمويلية بقيمة حوالي 700 مليون دولار، وفي التفاصيل نجد أن جميع المشاريع الموضوعة على خطط التنفيذ تندرج تماماً في ميادين تنموية.
عناوين المشاريع متنوعة، وسأكتفي هنا بنقاش ما أعرفه نسبياً، وهو ما يتعلق ببرنامج تعزيز الانتاجية الاقتصادية والاجتماعية، وهو الوريث الشرعي لمجمل مساهمة وزارة التخطيط في ميدان مكافحة الفقر التي بدأت منذ حوالي خمسة عشر عاماً.
لا أعرف إن كانت الوزارة تجري تقويماً داخلياً حقيقياً لأدائها، وأقول "حقيقيا" لأن ما درجت الوزارة على إعلانه ونشره عن نتائج عملها لا يكفي ولا يقنع، والمسافة بين ما تحويه اوراق الوزارة من نتائج وأخبار وصور وقصص النجاح، وبين المشاريع المنفذة فعلاً، هي مسافة شاسعة جداً.
لقد قادتني اهتماماتي الى معاينة عدد من المشاريع التي تحفظها أوراق الوزارة على أنها قصص نجاح، بينما هي في الواقع مجال تندر مرير في مواقعها. شاهدت ذلك مثلاً في قرى وبلدات في الشمال والجنوب والوسط.
ذات يوم، كنت أشترك في نشاطات ندوة تنموية عقدت في إحدى قرى الجنوب، وكان أحد المتحدثين يشيد بمشروع انتاجي مولته وزارة التخطيط وأسهم في خلق عدة فرص عمل. وعند سماعي هذا الكلام، اقتربت من أحد مواطني القرية وسألته عن المشروع، فقال لي إنه يقع مقابل للمبنى الذي نحن فيه تماماً، فخرجت فوراً، ولم أجد سوى "قارمة" كبيرة باللغتين العربية والانجليزية، فيما كانت الأبواب المعدنية مغلقة الى ارتفاع أقل من نصف متر، فانبطحت على الأرض ونظرت للداخل، فإذا بساقي رجل تتحركان، ناديت عليه وفتح لي وأجريت معه حديثاً طريفاً، وبعد أن نشرته عتب عليّ منظمو الندوة وتوقفوا عن "تكريمي" بدعواتهم، رغم أن الغداء كان يومها "منسف على دجاج".
إن وزارة التخطيط منذ عام 1998 تشرف وتدير أغلب التمويل الخاص بموضوع الفقر، وقد أنجزت الكثير من الأوراق "هارد وير" في السنوات الأولى، ثم اتخذت الانجازات شكل ملفات "سوفت وير"، غير أن الوزارة وهي على أبواب مرحلة تمويلية جديدة مدعوة هذه المرة الى المشي على الرجلين لترى على الواقع حصيلة تجربتها السابقة، ولكي تقرر إن كان عليها أن تستمر بالطريقة ذاتها أم لا.
( العرب اليوم )