خبز و«غموس» لو سمحتم

في السنتين الأخيرتين كانت مفردة "الخبز" حاضرة كثيراً في شتى مستويات وأصناف الخطاب والكلام الدارج: الرسمي الحكومي والحزبي والأهلي وفي المظاهرات والشوارع، ورُفعت الكلمة كشعارات وكُتبت على اليافطات وأعلنت في البيانات، وغير ذلك.
بعض الأطراف ومنها الحكومة اعتقدت أن المقصود بالخبز، هو الخبز حرفياً، أي تلك الأرغفة التي تنتجها المخابز وتباع على شكل ربطات أو بالكيلو أو بالرغيف بعد إضافة سعر كيس التغليف، ولهذا فهي تصر بين الحين والآخر على الاعلان أن الخبز خط أحمر وأن إجراءات رفع الأسعار ووقف الدعم لن تمس رغيف الخبز.
الى جانب الحكومة، هناك مثلاً مبادرة أهلية محترمة وذات طابع انساني خيري تقوم على تمكين مَن لا يستطيع شراء الخبز، مِنَ الحصول عليه مجاناً عن طريق تحديد رفوف خاصة في المخابز التي تشترك في المبادرة، على أن يقوم مواطنون مقتدرون بتزويد الرفوف بالخبز على سبيل عمل الخير. وبالطبع مع التقدير الكبير للمبادرة وطريقة ممارستها، لكنها تتعامل مع مطلب "الخبز" بشكل حرفي.
في الواقع، يبدو أن هناك التباساً واعياً أو لنقل "التباس برغبة"، في فهم دلالات الحضور الكبير لمفردة الخبز. إنه في أغلب الحالات حضور مجازي، والذين يهتفون في الشوارع بالهتاف الشهير العابر للحدود العربية والقائل: "خبز، حرية، عدالة اجتماعية"، لا يقصدون الخبز تحديداً. إن الخبز يخدم هنا باعتباره ممثلاً شرعياً لكل ما يتعلق بالغذاء، أي بـ"الغموس" ككل، ودرءاً لسوء الفهم، لا بأس من رفع شعار: "غموس، حرية، عدالة اجتماعية" .
( العرب اليوم )