الفتوى وهموم الناس

تم نشره الجمعة 21st كانون الأوّل / ديسمبر 2012 12:54 صباحاً
الفتوى وهموم الناس
حسين الرواشدة

 

عدت للتو من ملتقى عقدته دائرة الافتاء العام حول( الفتوى في الاردن :الواقع والتطلعات)،وسعدت بحجم المشاركة والموضوعات التي طرحت للنقاش..وما دار من نقاشات حول الافكار المقدمة.

لا شك بان دائرة الافتاء في بلادنا تحظى باهتمام الناس الذين يتوجهون اليها للاستفسار عن رأي الدين في كثير من القضايا التي تشغلهم ،ولا شك بان عقد مثل هذه الملتقيات العلمية تفتح الطريق امام المفتين الكرام وجمهورهم للتواصل والفهم المشترك وصولا لتقديم الفتوى الصحيحة التي تقنع الناس وتطمئنهم وتساعدهم على ممارسة تدينهم الصحيح البعيد عن الخطأ والانحراف.

نعم يحتاج الناس الى معرفة احكام الشريعة في الطلاق والزواج والصيام والارث وغيرها من صور الاحوال الشخصية التي ترشدهم الى الحلال وتجنبهم من الوقوع في الاثم والحرام ، ولكن ماذا عن حاجتهم الى معرفة احكام الشريعة في القضايا الكبرى: في الفساد بصوره المختلفة ، في الظلم بأنواعه ، في الحقوق والكرامة ، في الفقر والعوز ، في الاجتراء على المقدسات الدينية والوطنية ، وفي قضايا اخرى خطيرة وهامة تتداولها ألسن النخب وتغيب عن أجندة علمائنا ومؤسساتنا الدينية وأصحاب الشرع والدعاة ايضاً.

الناس في بلادنا وغيرها من بلاد المسلمين يريدون ان يسمعوا رأي الدين في قضاياهم العامة ، ويتوقعوا من علمائهم ان يخرجوا من اطار اصدار الفتاوى في القضايا الشخصية واشهار الاراء في العبادات الى اطار اوسع يستوعب ما يشغلهم في واقعهم من مستجدات ومعاملات واحوال ، وما يتغلغل داخل مجتمعهم من مشكلات وآفات ، وما يجيب على اسئلتهم المطروحة والمكبوتة من فتاوى واجتهادات.

لا يخطر في بالنا بالطبع ان ندعو علماء الدين للدخول على خط فقهاء السياسة ، مع ان السياسة - بمعنى تدبير شؤون العباد ورعاية مصالحهم - جزء من ديننا الحنيف ، ولكننا نتمنى على مؤسساتنا التي اختزلت اعمالها في باب سأل فأجاب او اعتلى المنبر ليعظ ان يخرجوا من دوائر حق الله على العباد بالمفهوم الضيق الذي يكرسونه الى فضاءات حقوق الله التي هي اصلاً حقوق المجتمع والجماعة.. والى حقوق العباد على العباد التي هي اساس العمران البشري ، والى هموم الناس التي تناولها بعض فقهائنا المعاصرين بالبحث والتعزيز ، وان لا يتوقفوا امام احكام الوضوء ونواقضه التي تمتلىء الكتب بشروحاتها ، او احكام التيمم او الطلاق او غيرها مما تنهض به دوائر الافتاء في بلادنا ، وانما ان يبادروا الى توجيه ظاهرة التدين التي توسعت في مجتمعاتنا وترشيدها بما يتناسب مع ما يطرحه عصرنا من مستجدات ، وما تواجهه مجتمعاتنا من قضايا كبرى ، وان يقدموا للناس الاسلام الذي يتحدث على العدل اكثر مما يتحدث عن الصيام ، وعن الحق اكثر مما يتحدث عن الحج (لا تتجاوز الآيات القرآنية التي تتحدث عن الاحكام بأنواعها (500) آية من اصل اكثر من ستة الآف آية) ، وعن الانسان والكون والدار الدنيا وسنن التداول والجمال وغيرها.. اكثر مما يتحدث عن العبادات التي لا يتجاوز عدد آياتها في القرآن الكريم 155 آية.

واذا كان لا يجوز لمؤسساتنا الدينية ان تحصر فقهها في جانب واحد ، سواء كان متعلقاً بالاحكام او بالعبادات ، وضمن الاحوال الشخصية دائماً ، فان فتح الابواب امام العلماء والخبراء والاكاديميين في كليات الشريعة بجامعاتنا للابداع والتجديد الفهقي والتصدي لاسئلة الناس المشروعة حول ما يهمهم من قضايا واقعهم وعصرهم وما اكثرها ، اصبح اليوم فريضة دينية ووطنية ايضا ، فالدين له دور كبير في تحريرنا من كثير مما نعانيه ، والخطاب الديني العاقل والمقنع يمكن ان يساعدنا في اصلاح كثير من الخلل واعادة ضمائرنا الى سكنتها الحقيقية ، فهل بوسع الذين يتحدثون باسم الله تعالى من علمائنا وفقهائنا ان يفعلوا ذلك؟ ولم لا.؟!

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات