المال السياسي و المال القذر

تم نشره الجمعة 28 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 05:29 مساءً
المال السياسي و المال القذر
ظاهر احمد عمرو

تظهر هذه الكلمات في الأردن أيام الانتخابات ،وهذه الأيام يدور حديث الناس حول المال السياسي ،و رأيي أنه يتوجب علينا التفريق بين المال السياسي الذي هو روح العملية الانتخابية ، ولا يوجد في كل دول العالم انتخابات ديمقراطية و حرة و نزيهة خالية من المال السياسي .

في الولايات المتحدة على سبيل المثال ينفقون مليارات الدولارات عندما تجرى الانتخابات ويتصدر الموقف مرشحو الحزب الجمهوري و الديمقراطي على حد سواء ،وللمعلومات فإن هذا المال مسموح به قانونيا من باب دعم العملية الانتخابية و الترويج للمرشحين و ترويج برامج الاحزاب المستقبلية لكون الحملات الانتخابية عندهم مكلفة و هائلة و يدعمها الاعلام المدفوع الثمن بكل مكوناته سواء كان الكترونيا ام مرئيا ام مسموعا .

اما بالنسبة لواقع الحال عندنا فله مفهوم و معنى مغايران تماما وبالتالي يمكن تسميته بالمال القذر و الخارج عن القانون و الترويج للأفكار و البرامج غير الوطنية.

هناك عدد من المرشحين سواء كانوا افرادا او قوائم او احزاب تستخدم هذا المال للترويج كما يحدث في الدول الاخرى . و لكن الغالبية عندنا يستعملون هذا المال للترويج للشخص كعشيرته او وظيفته او علمه او طموحاته .

ويمكن القول أنه من المعيب والمرفوض رفضا قاطعا ، والفاضح ،أن يتم استخدام هذا النوع من المال لاستمالة الناخبين للتصويت لهذا المرشح او لتلك القائمة و ذلك بشراء اصوات و ذمم الناس و استغلال حاجتهم المادية .

هنا يجب ان ندب الصوت عاليا سياسيين ومفكرين وإعلاميين ونشن على هذه المخالفات حربا شعواء، ونفضح من يشتري الأصوات ،ونعمل على توعية المحتاجين الذين يبيعون أصواتهم ،ونقول لهم ان بيع الصوت خيانة للوطن والأمانة على حد سواء.

بالمقارنة مع الإنتخابات السابقة، فإن هذا المال كان بسيطا وترواح سعر الصوت آنذاك من 50 الى 200 دينار للصوت الواحد او للذمة الواحدة مع الأسف .رغم ورود شائعات حول شراء ذمم جديدة بعشرات الآلاف من الدنانير، قام به اشخاص بهدف دعم بعض تلك القوائم إضافة إلى وضع اسم مرشح ما له وزن سياسي وإجتماعي في القائمة لجلب أصوات تصب في النهاية لصالح رأس القائمة ... اي رقم 1 او 2 فقط .بمعنى أن التزوير هنا قد اتخذ أشكالا وصورا اخرى.

لا وصف يطابق هذا المال سوى القول انه يشبه المرابي الجشع الذي يستغل حاجة الناس البسطاء و الفقراء المحتاجين ،وكذلك فإن العملية برمتها ربا علينا شن الحرب عليه تماما كما شن الله جلت قدرته، الحرب على الربا وتوعد المرابين و لهذا يفرض المرشح على هؤلاء الناس شروطه القاسية .

المرشح الذي يستغل حاجة الناس و ضعفها في الانتخابات ويقوم بشراء ذممهم يفعل فعل المرابي ،ولا شك ان المسئولية الكبرى في هذا المجال، تقع على عاتق المرشح ذاته، و ليس على الضعفاء من الناس الذي دفعتهم الحاجة لبيع ذمتهم .

هذا المرشح سيمثل الأمة وفي حال نجاحه سيكون الأمين عليها و على مستقبلها لأنه المشرع و المراقب ،لكنه عندما يكون جشعاويخطط للوصول إلى قبة البرلمان بالتدليس والتزوير والغش وشراء الذمم وإتباع أساليب وطرق بغض النظر عن صحتها او قانونيتها فانه لا يؤتمن على هذا الوطن .

هناك قضية أخرى يجب التنبيه إليها وهي ان القوائم الوطنية التي كنا نتمناها ،و رحبنا بها ،على اساس القائمة المفتوحة و ليست المغلقة ،لأن التصويت في القائمة المفتوحة سيصب في صالح الأشخاص، و كل حسب ما يحصل عليه من عدد اصوات الناخبين و من ثم ما يليه في الترتيب ... الاقل ثم الاقل ثم الاقل .

اما في القوائم المغلقة فإن صاحب الرقم واحد هو الذي يشكل القائمة، و يضع اسمه في رأسها، و هنا نستطيع التأشير بأن هذا الرأس، هو صاحب المال السياسي الذي ينفق على القائمة و هو الذي سيفوز بغض النظر عن موقعه وما حصل عليه من اصوات الشعب .وجدير بالذكر أن مثل هذه القوائم المغلقة عادة تصلح للفكر الحزبي لكونها تصب في صالح فكر و برامج موحدة و متفق عليها بين اعضاء القائمة .

أما ما هو حاصل هذه الأيام فلدينا 61 قائمة يزيد عدد المرشحين فيها عن 800 مرشحا، سيفوز منهم 27 مرشحا فقط ،هم في المحصلة غير متفقين على فكر واحد او على برنامج عمل واحد ،و هم في الاساس مختلفون في ارائهم و توجهاتهم ... وأستطيع القول باختصارأن هناك عشر قوائم ستفوز فقط كحد اقصى من بين ال 61 قائمة بمعنى ان 51 قائمة ستخسر جولة المنافسة في الانتخابات المقبلة .

كما ان هناك ملاحظة مهمة اخرى وهي أن اكثر قائمة وطنية مغلقة لن تستطيع ان تكسب اكثر من اربعة مقاعد ،وفي النهاية و حتى ننتهي من هذا المال السياسي القذر و الذي جاء به قانون ساعد باستخدام هذا المال و هو قانون الصوت الواحد المجزوء وكذلك وجود نظام القوائم المغلقة و التي لم تؤسس و تنشا على فكر حزبي .فإنه يتطلب وجود ارادة سياسية حقيقية عند الحكومات لخلق احزاب قوية و مؤثرة و ذات برامج فاعلة و ان ننتهي من هذا القانون السيء الذكر و هو قانون الصوت الواحد المجزوء .

و في الختام فاننا نؤكد على ان الحل الجذري للخروج من هذه المتاهات يكمن في الغاء نظام القوائم المغلقة و قانون الصوت الواحد المجزوء الذي يسمحان لاصحاب النفوس المريضة من بعض المرشحين بشراء ذمم الناس .

و الاستعانة عنهما بنظام القوائم النسبية المفتوحة و بقانون انتخابي متعدد الاصوات لحين وجود قاعدة قوية لفكر حزبي برامجي تتنافس من خلاله الاحزاب فيما بينها و يكون محل اجماع و موافقة من قبل المجتمع عليه .

و لن يتم ذلك الا بارادة سياسية حكومية حقيقية و التي هي غير متوفرة الان للاسف .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات