شهرزاد.. ستانْ!!

لعله امر يتجاوز المصادفة والجناس ان يكون اسم اسيا من صميم الاسى، فالقارة العجوز عرفت ما لا يعرف كوكبنا برمته من الاستبداد، وخصوصا ما نال النساء فيها من انتهاك واستعباد، واخر مثالين هما ما جرى لفتاة افغانية كانت جريمتها طلب العلم والاخر ما انتهت اليه مذبحة الاغتصاب الجماعي في الهند، وشهرزاد الاسيوية لم تستطع تأجيل ذبحها بالسيف لانها لم تواصل الكلام حتى الفجر كي تسلي شهريار الذكورة والعسف، وهذا بالرغم من المفارقات التي جعلت نساء من اسيا يقدن البلاد كما في حالة انديرا غاندي وبقية العائلة.
لكن بروز نساء في مجتمع ما قد لا يصلح معيارا وحيدا لقياس منسوب الوعي لدى الذكور، خصوصا وان اول زعيمة اسيوية جاءت وريثة لابيها، وما يشاهد بين موسم اغتصابي واخر انتهاكي للنساء في شهرزاد ستان، سواء حملت اسما افغانيا او باكستانيا او هنديا يصيب الناس بالقشعريرة لانه افعال تجاوز السادية واقسى ما افرزه تاريخ القسوة الغاشم.
نعرف من خلال حكاية شهرزاد ان الانثى كانت تؤجل اعدامها بالقدرة على مواصلة السرد والحكايات، ولا نظن ان ضحية التجهيل في افغانستان ومثيلتها ضحية الاغتصاب في الهند او باكستان اصبن بالخرس، مما دفع شهريار الى الانتقام وعلى ذلك النحو الوحشي.
والمظاهرات الشاجبة بقوة لهذه الجرائم كان يجب ان تعم الكون وتشارك فيها نساء العالم من كل بقاع الارض، لان ما ينتهك في عزّ الظهيرة ليس مصير فتاة واحدة. بل هي الانوثة في كل مكان، لهذا نقترح اسم شهرزاد ستان بديلا لاسماء دول في القارة الملغومة بكل ديناميت التخلف، بحيث يصل احيانا الى ما هو اخطر من سلاح نووي.
والمرأة التي كابدت عبر العصور ومنذ اكثر من ستة الاف عام شتى صنوف القهر والتعذيب والاقصاء تم اختزالها من كائن بشري الى مجرد وظيفة، وثمة من يرونها من المقتينات لا اكثر ولا اقل.
فهل تمادت الذكورة ضد المرأة بحيث اصبحت بحاجة الى اعلان حرب كتلك التي اعلنتها الامازونيات عندما قررن ان يبترن اثداءهن كي لا تعوقهن عن استخدام القوس لاطلاق السهام؟
لقد قال اكثر من فيلسوف وحكيم ان مقياس حضارة المجتمعات وتمدنها هو الكيفية التي تنظر بها الى المرأة، وحين تضطهد وتحول الى مجرد شيء، ما الذي ننتظره من تربيتها لاطفالها؟ فالقول انها نصف المجتمع خطأ حسابي، لان تعداد النساء يشمل اطفالهن دون العاشرة لانهم يعيشون في احضانهن، ويتلقون الوعي وبدايات فهم العالم من خلالهن.
لقد سهرت شهرزاد التاريخ كله بلياليه الطويلة وهي تؤجل قتلها بسيف شهريار، لكنه لم يشبع ويبدو ان شهيته للدم لا يشبهها الا شهية اسماك القرش التي يسيل لعابها السام كلما شمت رائحة الدماء طلبا للمزيد منها.
ان هذا الوأد المؤجل هوعار على ذكور العالم جميعا، والصمت على هذا الوأد هو تواطؤ ان لم يكن مشاركة. وان المرء ليتساءل باندهاش ما هي قيمة كل هذه التكنولوجيا والتطور العلمي وحتى التسلح النووي والديمقراطيات العوراء اذا كانت الضحية هي الام والاخت والابنة؟
( الدستور )