حوار مع الحراك حول أسعار الكهرباء

تحدث الحراكات أسبوعياً بعد صلاة الظهر من أيام الجمعة انطلاقاً من أحد المساجد ، وتنشر أخبارها في صحف اليوم التالي ، ويقول أحد العناوين الصحفية: الحراكات تحذر الحكومة من رفع أسعار الكهرباء.
الحراكيون إذن يعرفون أن وضع الكهرباء غير طبيعي ، وأن أسعارها مرشحة للارتفاع ، وأن شركة الكهرباء الوطنية التي تملكها الحكومة حققت في سنة 2012 خسارة صافية قدرها 1200 مليون دينار ، تمت تغطيتها بقروض مصرفية بكفالة الحكومة ، فاضيف المبلغ إلى الدين العام المتضخم أصلاً وقد اجتاز الخطوط الحمراء ، وإن الشركة ستواصل تحقيق الخسائر حتى لو استمر تدفق الغاز المصري طيلة السنة الجديدة بالكميات المتعاقد عليها.
نحن نحسن الظن بالقائمين على الحراك وكتـّاب الهتافات ، ونفترض أنهم ينطلقون من الحرص على حماية الفقراء ومحدودي الدخل من الرفع الوشيك لأسعار الكهرباء ، ولكنا نخشى أن هناك سوء فهم يستحق التوضيح.
ماذا لو كانت الحكومة في قرارها برفع أسعار الكهرباء لا تزيد التعرفة على مستهلكي الشرائح الأولى والثانية والثالثة ، أي انها لا تمس الفقراء ومحدودي الدخل بل تحميهم من آثار رفع الأسعار؟.
هل يغير الحراكيون في هذه الحالة مطالبهم أم يواصلون الدفاع عن مصالح كبار المستهلكين الذين يضيئون أسوار منازلهم ويدفئون مياه برك سباحتهم ويشغلون ما لا حصر له من الأجهزة الكهربائية الضرورية منها والكمالية في منازلهم.
أغلب الظن أن الحراك لن يغير موقفه في هذه الحالة ، وسيظل يحتج على رفع أسعار الكهرباء ، ليس حباً بمصالح الأغنياء ، وليس إشفاقاً على مصالح الفقراء ومحدودي الدخل ، بل لمجرد أن رفع أسعار الكهرباء يوفر فرصة لرفع الصوت والشغب ، لعل ذلك يحرج الحكومة ويشل حركتها ، ويدفعها مرة أخرى إلى سياسة التأجيل والترحيل وصولاً إلى الهاوية التي تطحن الفقراء قبل الأغنياء.
البنوك الأردنية لم تعد راغبة في تقديم المزيد من التسهيلات لشركة الكهرباء الوطنية لأن البنوك لا تحب تمويل الخسائر ، بل تسعى لتمويل استثمارات قادرة على توليد الدخل وخدمة ديونها وتسديدها في الاستحقاق. وهم يعرفون سلفاً أن شركة الكهرباء الوطنية غير قادرة على السداد ، لأنها مستمرة في الخسائر حتى عام 2017 بالرغم من الرفع التدريجي المتوقع للأسعار على كبار المستهلكين.
( الراي )