خطوة اساسية على طريق الاصلاح الاقتصادي

تم نشره الخميس 03rd كانون الثّاني / يناير 2013 02:54 صباحاً
خطوة اساسية على طريق الاصلاح الاقتصادي
الدكتور شفيق علقم

 

عندما تفسر ظاهر الربيع العربي تفسيرا سيسيولوجيا ديموغرافيا ؛ فيعزى ظهورها إلى الفائض البشري والنمو السكاني الكثيف والسريع ، الذي حدث في بلدان الربيع العربي في ظل تراجع الانتاجية والموارد الطبيعية ؛ مما ادى إلى زيادة الفقر والبطالة ، وازدحام المدن والشعور بالتهميش والاقصاء ، مما اسهم في تعميق  الازمة الاقتصادية المتدهورة اصلا في هذه البلدان ، وعدم قدرة السلطات الحاكمة على مجابهة هذه التحديات ، وايجاد الحلول والمخارج الناجعة لها ؛  مما سهل لذوي الايدلوجيات من التنظيمات السياسية المعارضة استثمار الوضع المتأزم اصلا ؛ عندما تفسر تلك الظاهرة بذلك ؛ فان ذلك يعني قصور عمليات التخطيط الاستراتيجي المستقبلي وتراجعها لايجاد الحلول وجسر الفجوة بين معادلة الانتاجية والموارد وعدد السكان وعدم مراعاة محدودية الموارد والانتاجية في المجتمع.

اما نحن في الاردن، فمع ان تلك المعادلة غير متوازنة ،بالرغم من ان نسبة البطالة لدينا هي 13,1% من مجموع القوى العاملة ،وهي نسبة معتدلة إلى حد ما ،مقارنة مع عدد السكان ؛ ولكن مهما يكن وحتى لا تستفحل الامور ويصار إلى تعقيدها ، ولمواجهة هذه التحديات ومعالجة الخلل في الفائض السكاني المتزايد ،لا بد لنا من الرجوع إلى اصلاح التعليم ، واعطائه  دوره  للمشاركة  في بناء الاقتصاد الوطني .

ان الهدف من التعليم  يجب ان يكون ايجاد مواطنين مستنيرين مدربين مثقفين منتجين ، وخلق قدرات مهنية عاملة متعلمة ، واعداد هؤلاء الشباب لسوق العمل ؛ فان الاقتصاد الوطني الناجح يزدهر وينمو ويستمر اذا دعم بقدرات القوى العاملة فيه على العمل والانتاج ، لا ان نستمر في استيراد العمالة المهنية والتقنية من الخارج!! علينا ان ندرك دور التعليم المدرسي والتدريب المهني في  تطوير القوى العاملة المنتجة .

ان التعليم الالزامي في المدارس لمدة عشر سنوات، يضمن للطلبة اتقان المهارات الاساسية في القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم ، واضافة لذلك يجب ان يشتمل المنهاج على اضافة مواد تدريبية صناعية مهنية اقتصادية، ليصبحوا ملمين بالعمل الذي سوف يوكل اليهم  في المستقبل ، وذلك بتدريبهم على المهارات الفنية ، والمهارات اللازمة لعلاقات العمل التي تفرز الانتاجية ، وهذان التدريبان يعزز كل منهما الاخر، ناهيك عن القدرة على سرعة التكيف مع التقنيات المستحدثة ، وهذا كله ياتي من اسهام التعليم النظامي والمهني، وتدريب الطلبة مباشرة لاعداد وتطوير قدرات القوى العاملة. ولا بد خلال ذلك من زرع وتطوير قيم الاحترام والتقدير والاجتهاد في العمل ، وتدريسهم المهارات والمعارف الاساسية اللازمة للمهن التي يحتاجها المجتمع.    

وابتداءا لابد من تطوير العقلية الجماهيرية اعلاميا، وتعميم ودعم ثقافة العمل حتى تتقبل هذه الافكار وتطبيقها ؛لان مجتمعاتنا وللاسف لديها عقدة العمل اليدوي والتخصص المهني!!

اقول، لا بد من تطوير وتنمية الاستعدادات الضرورية للمواطنة المنتجة؛ مما يساعد على ايجاد المواطن المنفتح والمسؤول المستنير.

ان على التعليم المدرسي تعليم المهارات الاساسية ،واكساب الطلبة العقلية المنفتحة على  المجتمع ،واكسابهم الاساليب التي تجعلهم مواطنين صالحين، حيث يتم تعليمهم مهارات التعامل مع الاخرين، وتعليمهم مكانة الفرد في المجتمع والتعاون الخلاق ، وعلى مناهج التعليم ربط التعليم بمهارات الحياة الضرورية في التواصل والاتصال مع الاخرين، وادارة وقتهم بنجاح ،وبناء قدرات التفكير الناقد البناء لديهم ، القائم على مهارات وقيم التحاور والتفكير الجماعي بالاحداث اليومية بهدف تحسين الاداء وعدم تكرار الاخطاء، وعلى قيم التحاب واحترام الاخر، وعلى العمل التعاوني الفريقي، والمساعدة في خلق  علاقات جماعية بين الطلبة ،وكيف يتخذون قراراتهم بانفسهم في اختيار عملهم ومستقبلهم، كما على التعليم المدرسي تعليمهم  المهارات الاساسية الضرورية الاخرى، مثل المشاركة في عمل المنزل كاعداد الطعام وتنظيف الصحون... وتنظيف فصلهم الدراسي في نهاية اليوم المدرسي بالتناوب وغيرها.

ان  المامول من عصرنة التعليم ايجاد الحلول التربوية للمشكلات الاقتصادية، وابتداع الاساليب التعليمية التي تسهم في النمو الاقتصادي ؛ولهذا لا بد من وجود تعاون وتنسيق بين مدارسنا واعمال الصناعة والاعمال الاقتصادية الاخرى ، مما يملي على التعليم التوجيه المهني الذي يحتاجه المجتمع الاقتصادي.

ومطلوب اعادة اصلاح مناهج التعليم النظامي الرسمي ، وذلك بخفض تغطية المحتوى المزدحم والمثقل الحاصل الان !! وبخاصة  في المدارس الخاصة التي تتبارى في استيراد المناهج الاقوى بل والاصعب ، وبخاصة في مناهج اللغة الانجليزية  مما يثقل على الطلبة ، يلزم خفض المحتوى ليتمكن الطلبة من اتقان المهارات الاساسية بشكل افضل،مما هو عليه الان، ومطلوب استحداث برامج مهنية مجتمعية ،واستحداث مقررات حديثة حول  تقنية المعلومات واستخدام الحاسب والعلوم والرياضيات كعلوم اساسية ،وتوظيف اساليب التعليم الحديثة ،التي تعود الطلبة التفكير المستقل، وذلك للاسهام في انتاج خريجين اقل  تقليدا واكثر ابداعا مما هو عليه الان ، لا نريد مناهج مستوردة ،او مزدوجة ، ولكن لا بد من تكييف المعارف والتقنيات المستوردة وتعديلها وتطويرها لتصلح لبيئتنا الاردنية والبناء عليها بحيث تعطي منتجات تنافسية افضل.

ان اصلاح التعليم وتطويره واعطائه دوره الحقيقي يكون ايضا  بالاستفادة من تجارب الامم الاخرى، واختيار الافضل منها مما يتناسب  ومتطلبات بيئتنا ومرحلتنا العصرية، والرجوع إلى قيمنا وحضارتنا ومبادئنا ، فان الغلبة في الصراع العالمي للاذكى  والاقوى في التعليم بجميع عناصره، فهو المفتاح السحري والاساسي للتقدم والرقي في جميع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية  وحتى الامنية والعسكرية.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات