تشاؤم في غير محله
إذا صح أن حوالات المغتربين ارتفعت في السنة الأخيرة بنسبة 6% ، وأن المقبوضات السياحية ارتفعت بنسبة 71% ، وأن المنح الخارجية في نهاية 2012 ستزيد عما هـو مقدّر في الموازنة بسبب ورودها في الشـهر الأخير من السنة. وإذا كان احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية في ارتفاع ، والاقتصاد الأردني ينمو بمعدل 8% بالأسعار الجارية ، أو 3% بالأسعار الثابتة ، فما هو مبرر الروح التشاؤمية التي يعبـّر عنها كثيرون ، ولماذا التخوف من المستقبل الاقتصادي.
إذا كان سبب التشاؤم هو الحراك الذي نشهده ظهر أيام الجمعة هو السبب ، لأنه يخلق مناخاً غير ملائم للنشاط الاقتصادي والاستثمار ، فإن هذا الحراك في 2012 كان أضعف مما كان في 2011 ، والأرجح أنه سيكون في 2013 أضعف مما كان في 2012 ، فقد أصبح مجرد روتين يقتصر تأثيره على خبر في صحف يوم السبت يتحدث عن انطلاق مسيرات هنا وهناك تدعو للإصلاح ومحاربة الفساد.
صحيح أن الوضع الاقتصادي والمالي ليس مثالياً ، ولكن هذا هو الحال في معظم دول العالم ، التي تشكو من الركود الاقتصادي ، وهبوط معدلات النمو ، وزيادة العجز في الموازنات ، وارتفاع الدين العام وهي مشاكل موجودة عندنا على نطاق أضيق ، وضمن الحدود المقدور عليها والقابلة للعلاج.
التعليقات التي تنشر في الخارج ، وتتوقع أن يشهد الأردن اضطرابات عاصفة ، تسـتند في العادة إلى مصدرين الأول إسرائيلي ، وما يقدمه هذا المصدر يقع في باب التمنيات ولا يمثل تحليلاً للواقـع ، والثاني هو القياس على ما يحدث في بلدان الربيع العربي وخاصة سوريا. وفي الحالتين فإن هذا التوجس غير واقعي.
يقف في وجه هذه التوقعات المتشائمة عدم وجود تصادم بين الشعب والنظام في الأردن ، فالملك يسبق المطالبين بالإصلاح ، ويريد برلمانأً نزيهأً وحكومة برلمانية. والشعب الأردني يرى الدمار الذي حل بسوريا وليبيا ، والفوضى اتي حلت بمصر واليمن ، ولن يرضى للأردن بمصير مشابه ، خاصة وأن طريق الإصلاح السياسي سالك ، ومحاربة الفساد قائمة ، علمأً بأن جداول منظمة الشفافية الدولية تظهر الأردن في الموقع الرابع بين 22 دولة عربية ، أي أنه أفضل وأنظف من 18 دولة عربية.
التشاؤم هدام ، والمبالغة في التفاؤل تـؤدي للإحباط ، فلنـر الأشياء كما هي. ( الرأي )