المال الأسود يفسد الانتخابات

سوف يبقى المال الأسود مفسدة الانتخابات، مهما كانت درجات النزاهة والشفافية التي تتحدث عنها الهيئة المستقلة للانتخاب.

وسوف تبقى الاجراءات عاجزة ومقصرة، اذا لم تحول الهيئة او الحكومة او الاجهزة الامنية المعنية كبشا كامل المواصفات من الذين يتعاملون بالمال الاسود، لشراء ضمائر واصوات الناخبين.

لم يبق مسؤول في الدولة إلا وتحدث عن المال الاسود، وهو بكل المعايير ليس مالا سياسيا كما يحلو لبعضهم ان يدلعوه، فالمال السياسي قد يكون محترما وموجها لدعم تيار ما او حزب ما او نقابة ما من اجل تطوير اعمالها، او لايصال تيار معين الى مراكز صنع القرار، اما ما يحدث في الانتخابات النيابية فهو فعلا توظيف للمال الاسود من اجل ايصال مرشح فاسد، او قائمة فاسدة، جاءت بهدف توظيف الاموال وفي اللغة الاقتصادية غسلها.

في كل المناطق يتم الحديث عن المال الاسود، وعن القيمة المالية التي وصلها الصوت، لكن لا تنتظر الهيئة المستقلة ولا الحكومة واجهزتها مواطن واحد يأتيها ويقول انه يتعامل مع المال الاسود، او انه تم عرض اموال فاسدة عليه، الاجهزة وحدها القادرة على ضبط هذه الامور بطرقها المعروفة والضبط المباشر، اما غير ذلك فسوف نبقى نسمع قصصا وروايات عن المال الفاسد، ولا نجد فاسدا حقيقيا من هؤلاء وراء القضبان بتهمة شراء ذمم البشر.

في مناطق محددة تعرفها الهيئة والاجهزة الامنية وتعرف اصحابها، يتعاملون مع المال الفاسد بطرق شتى، وغير مباشرة، وليس عن طريق المرشح ذاته، بل عبر المفاتيح والسماسرة، الذين طفح سوقهم في الايام الاخيرة، واصبحوا مطلوبين للناخبين.

لا تلوموا من يبحث عن سمسار لشراء صوته، فمعظم - او للدقة -اغلبية المرشحين، ليسوا مقنعين، ولهذا فأسهل شيء امام الناخب، ان يقول لذاته، وماذا سوف اكسب او يكسب الوطن من مثل هؤلاء المرشحين، 500 دينار أنا واولادي احق بها، لان المرشح وبعد ان يصل البرلمان يعمل لذاته فقط، ولا يلتفت للذين منحوه صوتهم، فيصبح صوت حاله وصوت معارفه واقربائه، اما مناصريه فلا بواكي لهم.

في الانتخابات الماضية ورغم كل التزوير الذي وقع فيها، تم تحويل اكثر من قضية تعامل بالمال الفاسد الى القضاء، وهذا لوحده يقلل الظاهرة، اما أن نبقى نهدد ولا نفعل شيئا ملموسا، فلن يتغير شيء، وتسمع هذه الايام مصطلحات جديدة دخلت على جماعة المال الاسود، فيقول لك احدهم "والله فلان (المرشح) ينعف نعف فلوس وكأنها ورق جرايد"، او أن "علان رفع سعر الصوت الى 200 دينار" وكأننا في بورصة للمال القذر.

( العرب اليوم )