إبادة الفقر أم الفقراء؟؟

تم نشره الأربعاء 16 كانون الثّاني / يناير 2013 01:45 صباحاً
إبادة الفقر أم الفقراء؟؟
خيري منصور

كان أحد خبراء البنك الدولي قد استقال من عمله احتجاجاً على ما سماه إبادة الفقراء، وذلك على سبيل السخرية ممن يتحدثون عن ابادة الفقر، فأقصر الطرق لإنهاء دراما الفقر في العالم هو قتل الفقراء!.

 

وما نشاهده على الفضائيات المصرية من ندوات وتحذيرات من ثورة الجياع وارتفاع منسوب الفقر بشكل ينذر بكوارث تكون الفواصل فيه اعلانات صاخبة عن مختلف الأطعمة والاشربة، ولا شيء آخر وكأن الانسان يعيش ليأكل وليس العكس، انه تعذيب بل تنكيل على مدار الساعة بالفقراء، لأن إسالة لعاب أطفالهم على ما لا يملكون أصبحت حرفة اعلانية مُتلفزة، لهذا تبدو عبارة الخبيرهانكوك الساخرة أدق تعبيرا عن عالم يعج بالتناقضات، ويلقي الانسان في اليم ثم يقول له اياك ان تبتل بالماء لتكون النتيجة ان هذا الانسان يغرق في دمه ودم الآخرين وليس في الماء فقط.

 

وفي بلدان يجهل أكثر من ثلثي سكانها السلع التي تقدمها الاعلانات بمشاهد توقظ المكبوتات كلها يصبح الخلل جذريا وغير قابل للترميم بين ثقافة استهلاكية محسومة وبين القدرة على اشباع الحاجات.

 

نعرف ان التوحش الرأسمالي لا يعرف الحدود ولا يعبأ بما ينتجه من دمار انساني وافساد للسايكولوجيا واحراف لطبائع الناس، لكن حين تثقب أنياب هذا المال المتوحش شاشات التلفزة، ويصبح العذاب على طريقة بافلون الذي ربط بين صوت الجرس ولعاب الكلاب فان المنتظر من هذا كله يجب أن لا يفاجئنا، وثمة فارق بين اعلان عادي وفي الحدود المقبولة انسانيا وثقافياً وبين اعلانات سادية تعذب من يشاهدونها، لهذا فان ارتفاع نسبة الجرائم المتعلقة بالسطو وقطع الطرق في الظهيرة هو حصيلة منطقية لمثل تلك المقدمات والاسباب وفي زمن يشتبك فيه الاطفال مع القطط والكلاب على النفايات ومنهم من يفقدون أعضاءهم علينا ان لا نتعجب اذا أصبح الشعور بالأمان فردوساً ضائعاً، لأن السلم الاهلي بكل مستوياته يصبح في مهب الفوضى وتتراجع كل الكوابح على اختلاف مرجعياتها بسبب اندفاع الغرائز على نحو جنوني.

 

تصوروا مثلاً ان مقدم أحد البرامج عن اوضاع الفقراء عرض للمشاهدين عينة من طعامهم الذي قد تعف عنه البهائم، وكنت أتمنى ان يفعل ما فعلته الكاتبة الفرنسية سيمون دوبوفوار في خمسينات القرن الماضي، عندما دعت عدداً من البراجوازيات في بلادها الى وجبة طعام بنغالية من النوع الذي يباع على الارصفة وتلتصق به الحشرات، ثم قالت لهن.. ان اعتذاركن لهؤلاء البشر يجب ان يبدأ بتناول وجبة من طعامهم اليومي.. هذا اذا كان يومياً بالفعل، فهم أحياناً يأكلون بالتناوب، وينامون بالتناوب.

 

كفى تنكيلاً لهؤلاء الجياع، وتعذيباً لأطفالهم، لأن هناك اعلانات يجب ان يسبقها تحذير لأطفال الفقراء من مشاهدتها تماماً كما يحدث في أفلام البورنو والرعب.

 

ان اعلاماً داجناً تحت أقدام رأس المال المتوحش هو منتج غزير للجرائم والانحرافات، لهذا فان فاقد الشيء لا يعطيه!. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات