عسكرة الثورة السورية أزاحت المعارضة المدنية من الساحة السياسية
إن قيام الثورة السورية السلمية في 15 أذار 2011 كانت في البداية من أجل إصلاحات وتغيرات سياسية لا تمس بأسقاط النظام .وأستمرارية الثورة فتحت بابآ كبيرآ ووفرت صياغآ وإهتمامآ واسعآ للمعارضة السورية في الأوساط العالمية والعربية وتتالت المؤتمرات الحاضنة للمعارضة منها كانت عامة ومنها كانت أقصائية تحت هيمنة تيار معين من ليبراليين اوأحرار اوإسلاميين اومجموعات اخرى مجهولة و جديدة على الساحة السياسية.
ولكن لم تستفد المعارضة المدنية من هذه الفرصة الذهبية لتقوم بدورها الفعال منها جمع وتوحيد شملها لتصبح قوة متوحدة كبيرة يصغى لها وتتمتع بالدعم الحاسم من العالم الحر والدول الصديقة الداعمة لثورة الشعب السوري.
لقد شكل فيما بعد المجلس الوطني السوري ويعتبر هذا من الناحية النظرية نقطة أنعطاف في هذا المسار السياسي المدني ولكن هيمنة الأسلاميين وخاصة مجموعة الأخوان المسلمين ونتيجة عملية الأقصاء المتعمدة تجاه أعداد كبيرة من شخصيات سياسية ناشطة وتنظيمات سياسية فتية في الداخل والخارج أدى إلى تراجع الدعم المرتقب وترددت قوى وطنية سورية كثيرة من الأطياف والأتنيات بألأنضمام من قلب ورب الى هذا التشكيل وهذا كان سببآ أساسيآ في فشل المجلس الوطني السوري فشلآ ذريعآ في القيام بمهامه الوطنية في الأيام الحرجة من الثورة السورية العظيمة التي لا مثيل لها في العالم وصنعت تاريخآ جديدآ لثورات الشعوب ضد الأضطهاد والأستبداد في الحياة المدنية والسياسية.
وهكذا بقيت قوى المعارضة السورية في مسارها السياسي متشرزمة ومشتتة في معظم المؤتمرات واللقاءات وعلى شاشات التلفزة وفي المقابلات الإعلامية ومن خلالها أفسحت المجال أمام النظام ليستفيد من هذه الوضعية المتفرقة والمتضاربة من ناحية التنظيم للمعارضة والمطالب السياسية والوقوف بقوة بشعارات أمام التدخل الخارجي سياسيآ أوعسكريآ وما تلاها من تناقضات في البيانات والتصريحات المتتالية من أشخاص ذو الرؤية القصيرة للحوادث وهذه الوضعية أثرت سلبآ على مجرى الثورة الذي خرج من التنظيم الموحد تحت قيادة واحدة و أصبح يتبعثر هنا وهناك. مما أدى إلى تراجع إهتمام العالم الخارجي بمسار الثورة السورية أمام هذا التضارب في الرؤى والتصورات المستقبلية وعدم أنضمام شخصيات كبيرة من النظام إلى الثورة السورية في المرحلة الأولى كما كانت الحالة لدى الثورة الليبية.
كمثال إن قيادة الثورة الليبية نجحت منذ البداية ضم قواها تحت قيادة شخصيات من النظام الليبي من دبلوماسيين ووزراء مدنيين وضباط عسكريين وخاصة أنشقاق المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة في الوقت المناسب والقائد العسكري عبدالفتاح يونس ومصطفى عبدالجليل وغيرهم من شخصيات مهمة.
إن الحالة الليبية كانت عند الثورة السورية معدومة وإن أنشقت بعض الشخصيات ذو مرتبة عالية بقيت على الحياد أو تم تهميشها في الواقع العملي السياسي وهكذا لم تستفد منها الثورة السورية بالشكل المطلوب.
كل هذه العوامل وغيرها ومنها الوضع السوري الخاص أضعفت القيادة السياسية المدنية في الخارج ومنها تراجع قوى المناصرة للثورة السورية عالميآ وخاصة بعد أستعمال الفيتو الروسي والصيني لعدة مرات أخذ النظام يحس بالأطمئنان والراحة وأخذ يزود القوات المسلحة بالأسلحة الثقيلة لأخماد الثورة بقوة العنف العسكري.
وهكذا تراجعت قوى المعارضة المدنية مرة ثانية أمام هذا التحدي والتحول الكبير من خلال فرض عسكرة الثورة للدفاع عن الوجود الذاتي . أمام هذه التحولات على أرض الواقع ورفض رآس النظام التنحي عن الحكم وفتح الباب أمام التغيير الشامل لم يبقى للقوى المساندة للثورة الا أن تفرض على المعارضة السورية بتوحيد أصواتها تحت منظومة الأئتلاف قوى المعارضة والثورة في سوريا تحت رئاسة معاذ الخطيب.
وهكذا فشلت المعارضة المدنية السورية مرة أخرى أمام هذه الحالة الأجبارية وتنحت مرة ثانية وتراجعت أمام التطورات على المسار الدبلوماسي والسياسي وأخذت حالة مشلولة. وفي هذه الظروف نمت وتصاعدت القوى المسلحة العسكرية للثورة السورية التي تدير المعارك أمام قوات النظام وأخذت مكانة المعارضة السورية المدنية التي فقدت مكانتها على أرض الواقع ولم يبقى لها وزن في المفاوضات السياسية ولا في مخاطبة الشعب على مستوى الثورة والحراك السياسي المطلوب. وبعد هذه التطورات وصلت الثورة السورية إلى طريق مسدود وإلى مرحلة حيث لايمكن الرجوع إلى الوراء والنظام مازال قائم ويتلقى الدعم الأيراني والروسي بلا حدود.
والأن يعول على الحل الوحيد ألا وهو الحسم العسكري الذي سيأخذ وقتآ طويلآ ويكلف عددآ هائلآ من الضحايا والمهجرين نحو الداخل وخارج سوريا وتخريب للبنية التحتية في سوريا التي دمرت الحياة المدنية ومستقبل سوريا تراجع إلى الوراء بشكل لا يمكن تكهنه في الوقت الحالي.
إن نظرة مستقبلية إلى الأمام تشير لنا بأن بعد نجاح الثورة وإزالة النظام ستزول معظم التنظيمات المدنية السورية التي كانت في الداخل أو في الخارج وأيضآ التنظيمات المدنية التي لاتملك بنية شعبية على أرض الواقع.
إن المستقبل السياسي في سوريا بعد نجاح الثورة وتغيير النظام سيكون للتنظيمات التي تراعي قوى عسكرية أو قوى تملك مصادر المال وتقوم ببناء بنية شعبية تساعدها في الأنتخابات من أجل الوصول إلى الحكم وباقي التنظيمات ستنحل أو تنقرض لأسباب عدم حيويتها وجدارتها القيام بواجباتها السياسية على المسار السياسي المدني لأنها أولآ لا تملك المال وثانيآ لم يتاح لها الفرصة لكي تقدم أرائها إلى الشعب وتكسب قوى مدنية وتنظيمات البنية التحتية في المناطق والمحافظات في سوريا لذالك ستكون هذه القوى غائبة عن المشاركة السياسية في هذه المرة بسبب ضعفها وليس بسبب إقصائها كما كان في عهد المؤتمرات للمعارضة في الخارج.
نتمنى نجاح الثورة السورية في أقرب وقت ممكن وبأقل خسارات قادمة ممكنة بعد كل هذه الخسائر الفادحة وإن يكون الوضع القادم أكثر توافقآ وأن تكوت الفرص للجميع في المشاركة السياسية متساوية وضمان حقوق الطوائف والأثنيات في سوريا حسب معاير والقوانين الدولية تعطي الأمان والضمان من أجل العيش المشترك لكل سوري وأن لا تسير سوريا في حكمها ونظامها على مبدأ الأغلبية والأقلية في التعامل السياسي والمدني وعلى كافة المستويات في الحياة العامة.
الرحمة لشهداء الثورة السورية المباركة والصبر لعوائلهم على هذه المحنة الأنسانية
الأحترام والأنحناء لكافة الثوار على أرض سوريا من أجل التحرير وبناء نظام ديمقراطي حر في سوريا المستقبل
النصر والخلود للثورة السورية
ومع أطيب التحيات والسىلام للجميع