استشراف المستقبل الاقتصادي

يقتضي التخطيط الاقتصادي أن يضع المخطط أمامة خارطة رقمية للمؤشرات الاقتصادية المتوقعة في السنوات القليلة القادمة لاستيعاب الصورة الكبيرة والتعامل معها في محاولة للتأثير عليها بالاتجاه الإيجابي.

برنامج التصحيح الاقتصادي الجديد المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي وضع توقعات لجميع المؤشرات الاقتصادية ، تغطي خمس سنوات قادمة 2013-2017. ولم يقل ما إذا كانت أرقامه تمثل توقعات محايدة أم أهدافاً مقررة ، ولكننا نرجح أنها افتراضات تبنى عليها القرارات والسياسات. 

من الأهمية بمكان أن تكون هذه التوقعات واقعية ، فالكثير يعتمد عليها في إعداد الموازنات العامة ، فلا يجوز أن تبنى على أسس مغرقة في التفاؤل أو التشاؤم.

بالرجوع إلى الجداول الواردة في الاتفاق بين الحكومة والصندوق نجد أن بعض التوقعات بنيت على أساس أحسن الاحتمالات ، بحيث أن من الصعوبة بمكان أن تتحقق في الواقع.

تشير الجداول مثلاً إلى أن الصادرات سوف تنمو بنسب عالية. وأن المستوردات سوف تنمو بنسب متدنية ، الامر الذي يسمح بتخفيض العجز التجاري على الورق ، فلا يكاد يرتفع بالأرقام المطلقة ، وينخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، وهذا يصلح كهدف يمكن تحقيقه كلياً أو جزئياً ، ولكنه لا يصلح كتوقع ، لأنه قد يخدع المخطط فيتوهم أن المشكلة في طريقها إلى الحل تلقائياً.

بهذا الأسلوب ينخفض العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ليس كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي فقط بل بالارقام المطلقة أيضاً ، بل إن الصندوق افترض أن السعر العالمي لبرميل البترول سوف ينخفض سنوياً ليصل إلى 6ر87 دولار بعد خمس سنوات ، فماذا لو أنه ارتفع بدلاً من أن ينخفض. وماذا يحدث في هذه الحالة لباقي التوقعات والموازين.

الحكومة الأردنية لا تستطيع أن تستشرف المستقبل الاقتصادي والمالي خلال سنة واحدة بدلالة الخروج على الموازنة العامة والحاجة لاستصدار ملاحق.

وصندوق النقد الدولي لا يستطيع أن يقدم افتراضات مقنعة لما سيكون عليه الحال خلال خمس سننوات قادمة ولذلك يراجع هذه التوقعات ويعدلها كل ستة أشهر ، لكن الجامعة الأردنية تريد أن تعطينا صورة كاملة عن الأردن اقتصاديأً وسياسياً واجتماعياً في عام 2030 بموجب مشروع دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية ، تتم خلال سنة ، وتكلف مئة ألف دينار ، وتقدم مجاناً للحكومة لتهتدي بها!. ( الرأي )