ملاحظات على هامش «النيتو»

تم نشره الأربعاء 06 شباط / فبراير 2013 01:55 صباحاً
ملاحظات على هامش «النيتو»
عريب الرنتاوي

ملاحظتان أساسيتان جذبتا اهتمامي وأنا أتابع أشغال “الجمعية العامة 58 للنيتو” المنعقدة في روما..الأولى وتتصل بالقلق الذي يجتاح الأوروبيين من “تغير سلم الأولويات الأمريكية” واتجاه واشنطن للتركيز على “الباسيفيك وآسيا”..الثانية وتتعلق بـ”الإسقاط” التام للصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية من أجندة الحلف والدول الأعضاء.

في شأن تباين الأولويات بين أوروبا والولايات المتحدة، لم يبق متحدث واحد تقريباً، من “أركان” الحلف أو وزراء الدفاع والخارجية الذين تعاقبوا على المنصة، من دون أن يؤكد بأن “تغير سلم الأولويات الأمريكية” لن ينعكس سلباً على الحلف والمصالح المشتركة “يفضلون الحديث عن قيم مشتركة”، التي تجمع اوروبا بالولايات المتحدة...ولم يبق مسؤول أمريكي من دون أن تُنسب إليه، أقوال وعبارات تذهب في اتجاه إظهار الالتزام الأمريكي بالحلف والأمن الأوروبي.

والحقيقة أن “كثرة” التأكيدات في هذا الاتجاه، تدفع المراقب من الخارج، ككاتب هذه السطور، للاعتقاد الجازم، بأن القلق الذي يجتاح الأوروبيين من هذا “التحوّل”، لن تخفيه تصريحات ومواقف دبلوماسية تنحو باتجاه “تعظيم” المشتركات بين شطري الأطلسي..بدلالة الدعوات المتكررة لزيادة الاهتمام بزيادة الإسهام الأوروبي في مجال الأمن والدفاع، وإحياء سياسات الدفاع الأوروبي المشترك.

لدى واشنطن الكثير من الدوافع لنقل مركز اهتمامها من “الأطلسي وأوروبا والمتوسط” إلى “الباسيفيك وآسيا”، أهمها تعاظم التحدي الاقتصادي الصيني والهندي، فضلاً عن يقظة “الدب الروسي” بعد سنوات طويلة من “السُبات”، وهو أمر لن تقلل من شأنه بعض “التقديرات” الأطلسية، التي تتعامل مع روسيا كقوة إقليمية “متوسطة” وليس كقوة دولية عظمى، بسبب فقدانها نفوذها في الشرق الأوسط، وتخلفها عن الالتحاق بركب “العصرنة” اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً خلال السنوات العشر الأخيرة.

أما في شأن الصراع العربي – الإسرائيلي، فهو “الحقيقة المُحتجبة” عن اجتماعات النيتو..لا ذكر له على الإطلاق، لا من بوابة الحاجة لإطفاء هذا الصراع من خلال تأمين حل عادل للقضية الفلسطينية، ولا عبر بوابات “الانتشار النووي” و”صعود موجات التطرف القومي والديني في المنطقة”...فحين يؤتى على ذكر الانتشار النووي، يُؤتى فقط على ذكر “التهديد النووي الإيراني”...وحين يؤتى على ذكر “التطرف” تتجه الأنظار نحو التطرف “العربي والإسلامي”..لا ذكر على الإطلاق لاتجاهات التطرف القومي و”الحريدي” التي تجتاح إسرائيل وتسهم في تشكيل حكومات وائتلافات تراوح ما بين اليمين واليمين المتطرف.

لتخلص بعد سلسلة من النقاشات والمحاضرات المهمة و”المملة” على حد سواء، إلى أن عبارات من نوع فلسطين وعملية السلام و”حل الدولتين” والصراع العربي – الإسرائيلي، قد خرجت من التداول العالمي، ولم تعد هذه المفردات مدرجة على جدول أعمال المجتمع الدولي...وهذا أمر يجب أن يؤخذ جيداً بعين الاعتبار والحركة الوطنية الفلسطينية تدلف عتبات “المصالحة” و”إعادة ترتيب البيت الفلسطيني” وما يتردد بخجل بين الحين والآخر، عن الحاجة “لاستراتيجية وطنية فلسطينية جديدة”.

لقد طُلب من الفلسطينيين أن يجنحوا للسلم ووسائله وأدواته في السعي لانتزاع حقوقهم، باعتبار أن “العنف” لن يجلب حلاً ولن يُعيد حقوقاً..وعندما فعلوا ذلك، قوبلوا بالتجاهل والإنكار..ولقد آن الأوان لكي يضع الفلسطينيون بأنفسهم، قضيتهم على جدول أعمال المجتمع الدولي من جديد، وهذا لن يتحقق من دون تحريك مختلف أشكال المقاومة الشعبية والجماهيرية والسياسية والحقوقية، على مختلف الساحات والمسارات، ومن دون هوادة أو أوهام.

القضية الفلسطينية تواجه خطر الطمس والنسيان، تماماً مثلما كان عليه الحال في سنوات ما قبل نهوض الحركة الوطنية الفلسطينية..ولا يمكن إلقاء اللائمة فقط على المجتمع الدولي..فثمة قسط وافر من المسؤولية يقع على كاهل أصحاب القضية الفلسطينية، ولقد آن أوان تصحيح هذا “الخطأ التاريخي”.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات