«التغول المتبادل» بين السلطتين

لغة الجسد مهمة هذه الأيام في جلسات التشاور التي تجري مع الكتل النيابية. استحسان الأفكار سوف يتخذ صيغاً جسدية مختلفة ابتداءً من الابتسامات المتنوعة شكلاً ومضموناً، وصولاً الى هز الرأس من وضعية الميلان البسيط واحتمال رفع الحواجب قليلاً مع توجيه النظر الى المتحدث، او من وضعية خفض البصر المترافق مع تدوين الفكرة واحتمال وضع خطوط تحت كلمة معينة. وبالمقابل، في حالة الاستياء من الأفكار، من المرجح أن لغة الجسد ستقوم بالتمويه اللازم.
وفق ما نشر من تصريحات وانطباعات عن أول جلستي تشاور، يبدو أن المشاور استطاع اقناع النواب بأن يكونوا مطمئنين الى أن الأمور ستجري بما يتناسب مع "خواطر" كل منهم. النواب من جهتهم أحسنوا صنعاً بأن ركزوا على الرئيس الذي "لا" يريدونه، مع تجنب ذكر الأسماء نهائياً، واغلب الأفكار المعروضة كانت تبدأ بعبارة "أن لا يكون الرئيس.."، وباستثناء فكرة أن لا يكون الرئيس الجديد من الرؤساء السابقين، التي قدمتها إحدى الكتل، فإن أغلب الأفكار تتمتع بمرونة عالية، وتحتمل التفاوض على طريقة "من هون لهون" بعد استعارتها الى عالم السياسة.
المشهد جديد كلياً، إننا بصدد حكومة برلمانية من موقع الاقتدار على أن لا تكون كذلك، إن المسألة هنا أقرب الى صيغة مطورة من "الأخذ بالخاطر" سياسياً.
لكن النتيجة الأساسية كل ذلك، ستتركز في مجال توزيع "التغول" بين السلطات، ففي حين كانت التجربة الماضية تتميز بتغول مطلق للتنفيذية على التشريعية، فإن طريقة تشكيل الحكومة المقبلة وخاصة ما يتصل بمراحل الكشف عن اسم الرئيس، ستتيح الفرصة أمام التشريعية للاستمتاع بقدر معقول من "التغول". ( العرب اليوم )