فسادنا يقتلنا
أبدأ و أستهل حديثي بالصلاة و السلام على الرسول صلى الله عليه و سلم الذي قال: "من علمني حرفاً صرت له عبداً " كنت أتمنى لو أن هذه العبارة تتناسب وواقعنا التعليمي في هذا الزمان, عملاً بقول رسول الله "من لا يشكُر لا يُشكر".
أستذكر أساتذتي و المعلمين الذين أُكن لهم كل الاحترام و التقدير, واستذكر من علمني أن لا أحب هذه المادة بسبب أسلوبه و ادخل معه بصراعات لا حصر لها طبعا بسبب أسلوبي المتشدد في التعامل مع هذه المواضيع لإيماني بالمهنية العالية و عدم إدخال الصعيد الشخصي في الصعيد المهني . بداية نستوضح بعض المفاهيم ألا و هي وزارة التربية و التعليم حيث يتبع لها الطالب في بداية حياته لتأكيد على التربية التي يتلقاها في بيته و من ثم التعليم ولكن الواقع هو الاهتمام بأحد الأمرين و في بعض المدارس تنعدم الصفتين .
و وزارة التعليم العالي و تتمثل في الجامعات المعتمدة حيث نحدث ولا حرج , أتحدث هنا عن الشق الأكاديمي و الهيئة التدريسية و لن أتحدث عن الشق الطلابي .
و عندما يكون أستاذ الجامعة مستبدا برأيه و بأفعاله و لا يجد من يحاسبه أو يوقفه عند حده, ببساطة لأن العميد كذالك و الرئيس كذلك. قمنا بتعظيمهم لأنهم أكاديميين في الجامعة و حملة شهادات الدكتوراه و الماجستير و حتى البكالوريوس و حولناهم إلى طغاة يتصرفون تبعا لأهوائهم الشخصية بدافع الاعتداد بالنفس و ليس العلم الذي يحملونه. لماذا لم ألحظ هذا بأستاذ علوم الأرض قي مدرستي الذي كان يحمل شهادة الماجستير في العلوم و الدكتوراه في المحاسبة أو في أي أستاذ في مرحلة الدراسة الإلزامية أو في بعض من أساتذتي في الجامعة .
الوضع الأكاديمي في الجامعات الرسمية ملئ بالقهر ولا أستثني أحد , أصبح الطالب الجامعي عندما يريد أن يضع جدوله يفكر بمن يدرس المادة و يسأل عنه لا لعلمه ولكن لطغيانه و اضطره الأمر لأخذ المادة في فصل دراسي أخر , و بالتالي يثقل كاهله بتبعات الأمر كتأخير التخرج أو الضغط الدراسي الناتج عن عدد الساعات الإضافية التي سيأخذها مجهدا نفسه و معرضا لاحتمال الرسوب و تحميل أهله الأعباء المالية المترتبة على ذالك , أستذكر الفنان الراحل أحمد زكي في مرافعته في فلمه الشهير "ضد الحكومة" و هو يقول : "كلنا فاسدون لا أستثني أحد حتى بالصمت العاجز قليل الحيلة الموافق , أغيثونا و الله الموفق".
ألا يوجد جهة أو هيئة تحاسب من يتحكم بمستقبل الأمة جيل المستقبل أم أنهم محصنين كحصانة النواب أو ورد نص دستوري في ذالك يحرم محاسبة أساتذة الجامعات الأردنية و يعطيهم حكما مطلقا استنادا إلا أن العناية الإلهية أعطتهم هبة حكمة لقمان .
أغيثوا تعليمنا العالي من طغيان من استبدوا بالتعليم و حولونا إلى فاسدين صغار نتملق و نحتال لننجح , لنجد بعد مرور خمس سنوات أن هذه حياتنا و نتجه إلى حياتنا العلمية التي من المفروض أن تبنى على المهنية أنها مشابهة لحياتنا الجامعية , نتخرج لنصبح فاسدين صغار لنتدرج في سلم الفساد إلى أن نصل القمة و لكل مجتهد نصيب , نحن نتاج جامعاتنا و أتحدث هنا عن نسبة لا يستهان بها من الأكاديميين الذين اشتهروا بطغيانهم بل ويتباهون . و أتقدم بالشكر و التقدير و العرفان بالجميل لأساتذتي الذين شرفوني بالسماح لي بالتواصل معهم حتى الآن لأنهم أكاديميين على مستوى خلق لا يسمح لهم بأن يتساووا في الأخلاق مع زملائهم , و بالتحية إلا أساتذتي في ألمانيا الذين تعلمنا منهم كيف يكون أستاذ الجامعة , قمة في الأخلاق لا ينادي الطالب إلا بلقبه أو بالسيد , الذي يتعامل بمهنية و يعلم, نهر من العلم ونحن روافده .
أخيرا و ليس أخرا فسادنا يقتلنا أغيثونا و الله الموفق.