النواب يلعبون بعدّاد عمرهم

ما يفكر به بعض النواب، أو ما تفتقت به قريحة الائتلاف النيابي المكون من أربعة كتل برلمانية، وتضم 84 نائبا، واجتراح إعادة فكرة توزير النواب، من خلال الحكومة البرلمانية، كارثة بكل المقاييس:.
أولا؛ مجلس النواب يلعب في عدّاد عمره من الدورة الأولى، فهو يعطي كل المناهضين له ذخيرة للهجوم عليه، وعلى ما يفكر به أعضاؤه، صحيح أن الهجوم بدأ قبل أن تخرج هذه ألافكار العبقرية من المجلس، لكن الهجوم المقبل سوف يكون اكثر شراسة.
ثانيا؛ هذه الفكرة تفقد المجلس وظيفته التشريعية ومحاسبة السلطة التنفيذية، فكيف سيقوم البرلماني بالمهمتين معا، وأين هي النوعيات العبقرية التي وصلت إلى المجلس وقادرة على تنفيذ المهمتين التشريعية والتنفيذية، صحيح اننا في انتظار بروز نواب جدد في المهمة التشريعية، وحماية حقوق الناس، لكننا لم نفكر لحظة أن يكون هؤلاء في السلطة التنفيذية.
ثالثا؛ التوزير النيابي، محاولة لتجديد التواطؤ القائم بين مجالس النواب والحكومات، وهو تواطؤ كان قائما في السابق، ويبدو أن بعض النواب يحاولون إدامته من جديد.
رابعا؛ إذا نجح النواب في هذا التوجه، ورضيت به مراكز صنع القرار، فإن هذه محاولة لاستدراج النواب إلى ثقة عالية، كالتي حصلت عليها حكومة الـ "111 صوتا" وسقطت بعدها بشهر.
خامسا؛ الجشع الغريب الذي يبديه النواب في الحصول على مواقع ليست لهم، فيه تجاوز على التصويت الشعبي الذي أوصلهم إلى مجلس النواب، ولم يتم التصويت لهم للوصول إلى مقاعد الحكومة.
سادسا؛ لنا من التجارب التي مرت علينا في التسعينيات، والحكومات البرلمانية، أمثلة على أن أسوأ القوانين والقرارات تم تمريرها وتشريعها في تلك الفترة، وفي حكومات عبدالسلام المجالي ومضر بدران، وعبدالكريم الكباريتي، فهل نعود بعد هذه السنوات لنجرب المُجرّب.
سابعا؛ قضية توزير النواب "أو تزوير لا فرق"، ومع أنها لا تتعارض مع المبدأ الدستوري، لكنها تخل بمبدأ الفصل بين السلطات، والمجتمع يدفع ودفع ضريبة كبيرة، نتيجة الخلط بين السلطات، أو تغول واحدة على الأخرى، وبما أن المواطن هو الحلقة الأضعف بين هذه السلطات، فمن الأولى أن يبقى أعضاء السلطة التشريعية في صف المواطن، وأن يكونوا معه لا عليه.
ثامنا؛ كارثة عدم استثمار الفرصة الذهبية التي منحت للنواب من خلال المشاورات لطرح رأيهم في رئيس الحكومة القادم ومواصفاته، لخلق جو برلماني وسياسي وإصلاحي يفتح على تعديلات دستورية جديدة، ومن الخطأ أن يرضى رأس الدولة أن يعيد النواب الكرة إلى ملعبه، من دون تحديد رئيس وزراء يتحمل النواب وزر اختياره، أمامهم وأمام المواطنين في قابل الأيام. ( العرب اليوم )