العار الذي سيلحق بالعراقيين
سئمت كحال مواطني بلدي المعذب من خطابات لسياسيين ،وحتى رجال دين، وربما شخصيات مجتمعية وهي خطابات ممجوجة غير مرغوبة ،وتسبب في الغالب نوعا من الإرهاق النفسي والعصبي للناس الذين تحملوا من مجموعات سياسية ألوانا من التسقيط السياسي، والتحشيد الطائفي ،وهو مايثير العديد من التساؤلات حول إمكانية أن تتهيأ أجواء إيجابية لمرحلة من التفاهم والتعاون على مستويات عدة لتخفيف الإحتقان السياسي والطائفي والقومي، وهو الثلاثي الذي أثار المتاعب خلال السنوات الماضية وجعل من العراقيين في خشية دائمة من أن تتحول حياتهم الى جحيم كالذي عاشوه في السنوات الأولى التي أعقبت إسقاط نظام صدام حسين حيث الطائفية المقيتة والإقتتال الأهلي ،والتخبط السياسي، وفقدان الثقة بين المكونات الأساسية في العملية السياسية عدا عن الشد والشحن الطائفي، وتجييش وسائل الإعلام والشخصيات المعنوية لتثير زوابع الفرقة والفتنة بين أبناء الوطن الواحد ،ماأدى بالعراق الى أن يذهب بكل مافيه الى مرحلة غير مسبوقة من تاريخه السياسي والإجتماعي والديني .
خلال الأيام الماضية جرى الحديث عن تحشيد طائفي من أصوات عراقية في بغداد والمحافظات الأخرى على خلفية التظاهرات التي تعيشها البلاد في محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين ،وللأسف البالغ فإن تلك الأصوات تمثل الطائفتين السنية والشيعية، برغم الإختلاف، والتناقض في توصيف أبناء كل طائفة للصوت الذي يعلو بإسم الطائفة الأخرى ،فليس من المعقول أن ننسف كل شئ إجتهدنا من أجله خلال سنوات مضت لتخفيف الإحتقان ووأد الفتنة المتعالية ،ثم نستكين لصراخ بعض الأصوات من هنا أو هناك، وهي تهتك حرمة الوطن لتقوده الى الظلام والفوضى تحت عناوين وتوصيفات ماأنزل الله بها من سلطان. ولايكون من ضحية سوى المواطن المسكين الذي كان يقتل في السنوات الأولى بسبب العنوان الديني والمناطقي، بينما يحتمي مثيرو الفتنة، ويرتعون ويلعبون ،وليس من مخاطر تستهدفهم على الإطلاق ،ولو عدنا الى تلك السنوات، وهي ليست ببعيدة لوجدنا إن أغلب من قتلوا كانوا من سواق السيارات ومواطنين يراجعون لتمضية معاملات، وحتى باعة متجولين، وأصحاب مهن بسيطة لاحول ولاقوة لهم في مواجهة المخاطر ،ولم يكونوا يملكون القدرة على فعل شئ مؤثر لرد المخاطر عنهم.
العراقيون ليسوا عملاء لأحد.وهم ليسوا من منشأ تركي،ولاعملاء لتركيا ،وليسوا صناعة فارسية مجوسية كالسجاد الإيراني المبهر والذي أحتفظ منه بذكرى، ولامن بقايا الدولة الفاطمية ،ولامن موظفي الديوان الأميري في قطر، ولايأخذون تعاليمهم من المخابرات الإيرانية ،ولاتربطهم علاقة بالمخابرات التركية ولايمولون من طهران، أو الدوحة ،وهم ليسوا بحاجة ليستنجدوا بدول الخليج العربي على بعضهم، ولابالأمم المتحدة، ولابالجامعة العربية ،ولامصالح شريرة تربطهم بالغرب،العراقيون شرفاء حتى لو إختلفوا .هم يحبون وطنهم، لكنهم منفعلون على بعض ،ولابد من حكمة ومن طريق للخلاص من الإحتقان.
العراقيون أكبر من أن يكونوا عملاء لإيران، أو لتركيا، أو لقطر ،هم أبناء حضارة ،وسينهضوا بوطنهم من جديد .أما إذا إختاروا التقسيم، أو الفوضى فهم من سيتحمل المسؤولية التاريخية والعار الأبدي.