موظفو الدولة الاردنية الشرفاء..... مظلومون!
عندما أنظر الى موظفي الدولة بعمق و تفصيل، أرى أن ربع الشعب الاردني العامل هم موظفون في مؤسسات الدولة المختلفة, و هؤلاء يعيلون أكثر من مليون و نصف المليون من المواطنين،وعليه فإن هيبة الدولة ،و قوتها و مناعتها ،هي من الرؤية العامة لهؤلاء الموظفين، إن كانوا عسكريين يعملون في مختلف القطاعات العسكرية مثل الجيش، أو الأمن العام،أو الدفاع المدني ..... الخ .
وينطبق الحال على الموظفين المدنيين في كل القطاعات المدنية،سواء كانت تعليمية، أو صحية أو زراعية أو خدمية أو قضائية ... وغير ذلك .
هذه النظرة إما نظرة احترام و تقدير، مرتبطة بتسهيل أمور المواطنين، و المغتربين و المستثمرين و المقيمين و السائحين ..... وما إلى ذلك من طالبي خدمات ،أو نظرة خوف و تعقيد و إستعلاء و إستكبار، وبالتالي فإن الأمور لن تمر إلا بالواسطة أو الرشوة ،وهنا ندخل في باب الحرام.
أعتقد أن موظفي الدولة الاردنية ،كانوا نموذجاً يحتذى به في العالم العربي بشكل عام ،و بإحترام و تقدير داخلي على حد سواء , و لكن منذ وقت قريب، بدأت بعض الصور الجميلة تهتز ،مع ان المشهد لم يرتق إلى مستوى الظاهرة ،و إنما شيء من هنا ،و شيء من هناك، و ما شوه هذه الصورة أمران هما :
الاول : أن طبقة ضئيلة العدد من كبار الموظفين ،و الذين ارتبط اسمهم بالتجاوز على حدود صلاحياتهم ،و الدخول في زمرة و دائرة الفساد , لشعورهم و تصرفهم الذي يوحي بأنهم فوق القانون و المحاسبة و المراقبة .و يجب محاربة هذه الطبقة و العمل على استئصالها نهائيا من المجتمع الاردني .
ثانياً : الدخل الضئيل مقارنة بمستلزمات العيش الكريم لأغلب الموظفين، فعندما نستعرض متوسط دخل موظفي الدولة بشكل عام , نرى أن 20% فقط من اصحاب الدخل هم قادرون على تلبية احتياجاتهم المعيشية بكل متطلباتها فيما نرى أن 80% ،لا يستطيعون تلبية تلك المتطلبات المعيشية الحالية , فكيف ستكون نفسياتهم و ولاؤهم و إنتماؤهم و إنجازاتهم و الإهتمام بالمواطن ،علما ان الحرة تموت ولا تاكل من ثدييها.
أتحدث هنا عن الأغلبية من الشرفاء و أصحاب المبادىء والاخلاق ،الذين هم بين نارين ,,, نار مال الحرام المغري و المقدم لهم من أصحاب النفوس المريضة ،أو أصحاب الحاجة لتسهيل أعمالهم و بين أخلاقهم و مبادئهم و حاجاتهم .
الحل لإعادة هذه الهيبة الكاملة كما كانت،يكمن في تحسين وضع الموظفين بشكل عام، و للجميع بحيث لا يضطر الموظف تحت ضغط الحاجة ، اللجوء لطريق الكسب الحرام ،الذي نرفضه سواء كانت الرشوة او الإضراب او الإعتصام ..... الخ , و عند تحسين وضعهم،يصبح الموظف مرتاحاً و مطمئناً لدخله،وعندها سيخاف من فقدان وظيفته لأنه سيكون تحت المساءلة و بقوة , مقابل كل ذلك سنرى سلاسة و تسهيلا للإجراءات على المواطنين و المستثمرين و ضيوف البلد , بحيث يصبح الجميع أمام موظف محترم و مطمئن يعمل من أجل خدمتهم .
أما تحسين الوضع فلن يتم بالدين الخارجين أو الداخلي، او بالاستجداء، او بردة فعل و بحل قصير الأمد لفض إعتصام أو اضراب ، و إنما عندما نصبح دولة تعتمد على قدراتها وإمكانياتها الذاتية ،و استنهاض كل الهمم البشرية ،و القوانين العادلة، و استغلال الثروات القومية .
عندها سنصبح دولة منتجة و قادرة على تلبية احتياجات المواطنين، و على رأسهم موظفي الدولة , و لنا عبرة في العديد من الدول التي كانت أوضاعها أسوأ من اوضاعنا حالياً و لكنهم عملوا و نهضوا، و مثال ذلك تركيا ،كيف كانت و كيف اصبحت ، وماليزيا و اغلب دول شرق اسيا و على رأسها اليابان و الصين و تايلند و كوريا الجنوبية و سنغافورة ...... الخ .
أتمنى من الله ،أن نرى هذا الوطن الجميل أجمل باستغلال مقوماته بشكل صحيح و سليم ،و لن يتم ذلك الا بإرادة سياسية حقيقية لتفعيل القدرات و الكفاءات، و الامكانيات الاقتصادية العديدة التي لدينا ،و أن نتحول إلى دولة القانون ونعمل على تطبيقه بشكل عام و عادل على الجميع ، و ان تصبح السياسة في خدمة الاقتصاد و ليس العكس .
و فق الله هذا الوطن لما فيه الخير للمواطنين ،و لأمته العربية و الاسلامية و للإنسانية جمعاء .